لا لشيء في نفس الذكر، وهذا هو الحق، فإن الذكر ليس شيء من أنواعه متهيأ عنه (١)، وإنما ذلك لأمر خارج عنه، فإن كان في جهره إضرار بأحد مثلاً كره وإلا لا.
(١) كيف وقد رد في الجامع الصغير: اذكروا الله ذكرًا يقول المنافقون تراءون، وضعفه منجبر بالشواهد الكثيرة، منها ما في المقاصد الحسنة عن أبي الجوزاء مرسلاً بمعناه، وعن أبي سعيد مرفوعًا: أكثروا ذكر الله حتى يقولوا مجنون، رواه أحمد والبيهقي وغيرهما، وصحه الحاكم، أفترى يقولون مجنون بدون الجهر المتداول، وقد قال عز اسمه: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه، الحديث. وقال عليه السلام: ألا أخبركم بخير أعمالكم وأزكاها عند ملكيكم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إنفاق الذهب والورق، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم؟ قالوا: بلى، قال: ذكر الله، وقال: ما صدقة أفضل من ذكر الله، وقال رجل: يا رسول الله إن شرائع الإسلام قد كثرت على فأنبئني بشيء أتشبث به، قال: لا يزال لسانك رطبًا من ذكر الله، وقال معاذ بن جبل: آخر كلام فارقت عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن قلت: أي الأعمال أحب إلى الله؟ قال: أن تموت ولسانك رطب من ذكر الله، وعنه قلت: يا رسول الله أوصني، قال: عليك بتقوى الله ما استعطت، واذكر الله عند كل حجر وشجر، الحديث. وقال صلى الله عليه وسلم: ما عمل آدمي عملاً أنجى له من عذاب الله من ذكر الله، قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا أن يضرب بسيفه حتى ينقطع، قاله ثلاث مرات، وقال صلى الله عليه وسلم: إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا، قالوا: وما رياض الجنة؟ قال: حلق الذكر، ويقول الله عز وجل: سيعلم أهل الجمع اليوم من أهل الكرم، قيل: من أهل الكرم يا رسول الله؟ قال: أهل مجالس الذكر من المساجد، وقال: سبق المفردون، قالوا: وما المفردون يا رسول الله؟ قال: الذاكرون الله كثيرًا والذاكرات، وقال: إن الذين لا تزال ألسنتهم رطبة من ذكر الله يدخلون الجنة وهم يضحكون، وغير ذلك من الروايات الكثيرة الشهيرة بسطها صاحب الحصن وغيرها، وهي بعمومها تعم الجهر والأسرار، وبعضها صريحة في الجهر.