[إن حيضتك ليست في يدك] لما علمت عائشة رضي الله تعالى عنها أن النهي عن دخول الحائض المسجد لمعنى يعم الجسم كله فلا بد وأن يكون اليد متلبسة بشيء منه أيضًا فإن حلول هذا المعنى في الجسم يقتضي حلوله في جزء جزء منها، فدفعه النبي صلى الله عليه وسلم بأن النهي عن الدخول لا يستلزم النهي عن إدخال اليد وغيرها مما لا يعد دخولاً عرفًا أو لغة أو شرعًا فإدخال سائر تلك الأجزاء منفردة لا يكون متهيأ عنه لعدم دخوله تحت الدخول ولعل الوجه في ذلك أن الحدث بنوعيه يسري في الجسم كله بحيث اتصف به المجموع كله اتصافًا واحدًا ولذا اشتهر فيما بينهم أن الحدث غير متجز كنقيضه فليس الجسم كله إلا متصفًا بمعنى واحد جعل سببًا لترتب النهي عليه لا أن حدث الرأس مثلاً وراء حدث الرجل وحدث اليد سوى حدث الوجه فإذا أدخل شيئًا من أجزائه في المسجد مثلاً لم يلزم دخول هذا المعنى المبني عليه النهي عن الدخول بل دخول شيء منها وذا لا يضر لا يقال على هذا التقرير أن الداخل في المسجد إذا أبقى رجله أو يده خارجة يعد غير داخل فيه لعدم دخول الجسم كله فلا يلزم دخول المعنى المبني عليه النهي لكون الجزء الحال منه في اليد أو الرجل غير داخل فيه لأنا نقول لما أمكن اتصاف الجسم بالحدث ونقيضه مع عدم بعض هذه الأجزاء كمن قطعت يده ورجله أو كلتاهما لم تعتبر تلك الأجزاء في مقابلة الجسم كله وكذلك الرأس فإن الجسم يتصف بالطهر ونقيضه من دون الرأس ولذلك إذا وجد الميت بغير الرأس غسل وصلى عليه وإذا وجد الرأس فقط لم يغسل ولم يصل عليه وما ذلك إلى لاتصافه بالطهارة في الصورة الأولى دون الثانية، والصلاة مترتبة على الغسل فهذا كله يدل على أن انعدام بعض هذه الأجزاء لا يمنع صحة اتصاف الجسم بالحدث والطهارة فلذلك قلنا من دخل المسجد وهو جنب، ورأسه أو رجله أو غيره من الأجزاء خارج منه كان أثمًا لوجود الدخول لا يقال يلزم من هذا الذي ذكرتم جواز مس المصحف للجنب والمحدث كليهما إذ ليست المماسة إلا بجزء من الجسم كإدخال اليد في المسجد ولا يظهر بينهما فرق والجواب