للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن مماسة المصحف لا يمكن بحسب العادة إلا بجزء منه ولا يعقل مس المصحف بالجسم كله أو بعضه فكان النهي عن المس الوارد فيه واردًا على هذا المس لا غير إذا المس بمعنى ماسة سائر أجزاء الجسم فممنوع من قبل فلو حمل النهي ههنا عليه أيضًا لم يبق للنهي فائدة لوروده على ما هو ممتنع عادة وما يتوهم من مضمون الحديث من جواز استعمال آلات المسجد وأسبابه فباطل إذ البورياء (١) لم تكن ههنا من أوقاف المسجد إذ لم تجر العادة بذلك بعد بل الخمرة كانت له صلى الله عليه وسلم كان يفرشها في المسجد تارة وفي البيت أخرى ومما يدل عليه قوله الخمرة بتعريف العهد ولولا أنه معروف معهود لتعينه لقيل ناوليني خمرة من المسجد لا يقال كانت واحدة فتعينت لذلك لأنا نقول لو كان كذلك لقيل ناوليني خمرة المسجد مع أن الخمرة الواحدة وهي البورياء الصغيرة ماذا تغني في المسجد النبوي ومما ينبغي أن يتنبه له أن الظاهر مما ذكرناه كونه صلى الله عليه وسلم خارج المسجد في حجرته وأن قوله من المسجد متعلق بقوله من المسجد (٢) وأنه لا حاجة إلى ما نقله النووي عن القاضي أن قوله من المسجد متعلق بقوله قال ونص عبارة القاضي على ما في النووي هذا معناه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها ذلك من المسجد أي وهو في المسجد لتناوله إياها من خارج المسجد لا أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها أن تخرجها له من المسجد لأنه صلى الله عليه وسلم كان في المسجد معتكفًا وكانت عائشة في حجرتها وهي حائض لقوله صلى الله عليه وسلم إن حيضتك ليست في يدك فإنما خافت من إدخال يدها المسجد ولو كان أمرها بدخول المسجد لم يكن لتخصيص اليد معنى انتهى كلامه، وأنت تعلم أن الذي جعله القاضي رحمه الله تعالى


(١) قال المجد: البوري والبورية والبورياء والباري والبارياء والبارية الحصير المنسوج وإلى بيعه ينسب الحسن بن الربيع البواري شيخ البخاري ومسلم.
(٢) كذا في الأصل وفيه تحريف من الناسخ، قال صاحب المجمع قوله من المسجد متعلق بناوليني أو يقال، انتهى، قلت: والأوجه عندي أنه على الاحتمال الأول متعلق بمحذوف أي آخذه من المسجد.

<<  <  ج: ص:  >  >>