للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله [وأنتم موقنون إلخ] بإيجاد كيفية القبول فيكم، أو بتحري مواقع الإجابة زمانًا ومكانًا، أو لكثرة رجائكم بالقبول، أو لمبالغة في الدعاء حتى لا يظن الخيبة والحرمان. قوله [لا يستجيب دعاء] استجابة كاملة (١)، فلا يضره إطلاق الآية. قوله [أو لغيره] والغرض إسماعه (٢).

قوله [واجعله الوارث مني] أي السمع (٣) والبصر، أي أبقى متمتعًا


(١) فقد قال الجزري: ما أحسن قول الربيع بن خيثم: لا يقل أحدكم: أستغفر الله وأتوب إليه فيكون ذنبًا وكذبًا، بل يقول: اللهم أغفر لي وتب علي، فإنه إذا استغفر عن قلب لاه لا يستحضر طلب المغفرة ولا يلجأ إلى الله بقلبه فإن ذلك ذنب عقابه الحرمان، وإذا قال: أتوب إلى الله ولم يتب فلا شك أنه كذب، وأما الدعاء بالمغفرة والتوبة فإنه وإن كان غافلًا فقد يصادف وقتً فيقبل، فمن أكثر طرق الباب يوشك أن يلج. وفي كتاب الزهد عن لقمان: عود لسانك باللهم اغفر لي، فإنه لله ساعات لا يرد فيهم سائلًان انتهى. قلت: وفي المشكاة برواية مسلم عن جابر مرفوعًا: لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله يسأل فيها عطاء فيستجيب لكم، انتهى.
(٢) يعني إن كانت المخاطبة للغير فالمقصود كان إسماع الرجل الداعي لأنه كان إذا ذاك الرجل الداعي لأنه كان إذ ذاك محتاجًا، وهذا على السياق الذي بأيدينا من النسخ الهندية بلفظ أو للشك، وهكذا في أبي داود برواية أحمد بن حنبل عن المقرئ، وأما في النسخة المصرية من الترمذي: فقال له ولغيره بالواو بدون الشك، وهكذا في مسند أحمد بسند أبي داود بدون الشك.
(٣) وذكر في الحاشية عن اللمعات: الضمير فيه المصدر الذي هو الجعل، أي اجعل الجعل، وعلى هذا الوارث مفعول أول، ومنى مفعول ثان، أي اجعل الوارث من نسلى لا كلالة خارجة مني، والكلالة قرابة ليست من جهة الولادة، وهذا الوجه قد ذكر بعض النحاة في قولهم: المفعول المطلق قد يضمر ولكن لا يتبادر إلى الفهم من اللفظ ولا ينساق الذهن إليه كما لا يخفى، والثاني أن الضمير فيه للتمتع الذي هو مدلول متعتى، والمعنى اجعل تمتعي بها باقيًا مأثورًا في من بعدنا، لأن وارث المرأ لا يكون إلا الذي يبقى بعده، فالمفعول الثاني الوارث، ومنا صلة، وهذا المعنى يشبه قول خليل الرحمن على نبينا وعليه الصلاة والسلام: «واجعل لي لسان صدق في الآخرين» وقيل: وراثته دوامه إلى يوم الحاجة، يعني بوم القيامة، والثالث أن الضميران للأسماع والأبصار والقوى، وإفراد الضمير وتذكيره بتأويل المذكور، ومثل هذا شائع في العبارات لا كثير تكلف فيها، وإنما التكلف فيما قيل: إن الضمير إلى حد المذكورات، ويدل ذلك على وجود الحكم في الباقي، لأن كل شيئين تقاربا في معنييهما فإن الدلالة على أحدهما دلالة على الآخر، والمعنى بوراثتها لزومها إلى موته، لأن الوارث من يلزم على وقت موتهن انتهى بتغير.

<<  <  ج: ص:  >  >>