للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما يحول بينه وبين ربه، وطهارة الجسم عن الأحداث الحقيقية والحكمية، وهذه كلها تخلية ومتاركة، ثم بعج ذلك مراتب للتحلية والارتكابات من الإقبال على الطاعات وغيرها، ولا شك أن هذه الجملة نصف الإيمان، وإليه الإشارة في قوله -عز وجل-: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [البقرة: ٢٢٢] فقوله {الْمُتَطَهِّرِينَ} كالتعميم بعد التخصيص، وكالإشارة إلى ما تضمنه إجمالًا قوله {التَّوَّابِينَ}. أما إن كان الوضوء والطهور هما الاصطلاحيان فالشطر بمعنى (١) الجزء مطلقًا لا النصف، وجزئيته للإيمان ظاهرة، فإنه يتوقف عليه صحة الصلاة التي هي أعظم أركان الإيمان، أو يقال: الإيمان ها هنا (٢) بمعنى الصلاة، كقوله سبحانه:


(١) كما حكاه أيضًا القاري ولفظه: قيل: المراد بالشطر مطلق الجزء لا النصف الحقيقي، قلت: كقوله تعالى: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} ثم إما أن يراد بالإيمان الصلاة فلا إشكال، أو يراد به الإيمان المتعارف فالجزء محمول على أجزاء كماله، ولا ينافيه ما جاء في رواية بعابرة النصف، فإنه قد يكون بمعنى النصف (هكذا في الأصل والظاهر بمعنى الشطر) كما قيل في الحديث المشهور: علم الفائض نصف العلم، انتهي.
(٢) كما حكاه أيضًا القاري عن زين العرب تبعًا لغيره أن المراد ها هنا بالإيمان الصلاة، قال تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} أي صلاتكم إلى بيت المقدس، وأطلق الإيمان عليها لأنها أعظم آثاره وأشرف نتائجه وأسراره، وجعلت الطهارة شطرها لأن صحتها باستجماع الشرائط والأركان، والطهارة أقوى الشرائط، والشرط شطر ما يتوقف عليه المشروط، انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>