للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله [فيحفون بهم إلى السماء الدنيا] ولعل الوجه في تكثرهم وتراحمهم في جانب العلو دون سائر الجهات الأربعة من اليمين والشمال والقدام والخلف أنهم لما رأوا البركة تنزل عليهم وتشملهم قصدوا أن يكونوا فيها لا يخرجوا عنها. قوله [ستين بابًا من الضر] غلط من الكاتب، والموجود في سائر النسخ سبعين (١) بابًا، وهو الصحيح، فليحرر! قوله [أنا عند ظن عبدي بي إلخ] ولا يذهب (٢)


(١) وهو كذلك في النسخة المصرية والمجتبائية بلفظ سبعين بابًا.
(٢) أشار الشيخ بذلك إلى الجمع بين حديث الباب وبين ما ورد من الذم والوعيد في الأماني والظنون والتالي في النصوص القطاعية الصريحة من القرآن والحديث، قال تعالى: {َقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا} الآية، وقال عز اسمه: {الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ= =فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا}، وقال جل ثناؤه: {وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ} الآية، وغير ذلك من الآيات الكثيرة، وقد وردت الروايات في النهي عن التألي على الله بوجوه مختلفة، وقال الحافظ في الفتح: قوله: أنا عند ظن عبدي بي، أي قادر على أن أعمل به ما ظن أني عامله به، وقال الكرماني: في السياق إشارة إلى ترجيح جانب الرجاء على الخوف، وكأنه أخذه به من جهة التسوية، فإن العاقل إذا سمع ذلك لا يعدل إلى ظن إيقاع الوعيد وهو جانب الخوف، لأنه لا يختاره لنفسه، بل يعدل إلى ظن وقوع الوعد وهو جانب الرجاء، وهو كما قال أهل التحقيق مقيد بالمحتضر، ويؤيد== وذلك حديث: لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله، وهو عند مسلم من حديث جابر، وأما قبل ذلك في الأول أقوال ثالثها الاعتدال، وقال ابن أبي جمرة: المراد بالظن هاهنا العالم، وهو كقوله: {وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ}، وقال القرطبي قيل: معنى ظن عبدي بي ظن الإجابة عند الدعاء، وظن القبول عند التوبة، وظن المغفرة عند الاستغفار، وظن المجازاة عند فعل العبادة بشروطها، ولذلك ينبغي للمرأ أن يجتهد في القيام بما عليه موقنًا بأن الله يقبله، فإن أعتقد أو ظن أن الله لا يقبلها أنها لا تنفعه فهذا هو اليأس من الرحمة وهو من الكبائر، ومن مات على ذلك وكل إلى ما ظن كما في بعض طرق الحديث المذكور: فليظن بي ما شاء، قال: وأما ظن المغفرة مع الإصرار فذلك محض الجهل والغرة، وهو يجر إلى مذهب المرجئة، انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>