للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كبار الأبواب كلها أم لا؟ وذلك لأن الدعوة من باب طاعة موقوفة (١) على مناسبة للمدعو بهذه الطاعة، ولما كانت مناسبات أبي بكر بالطاعات بأسرها سواسية (٢) لأنه كان يحب النبي صلى الله عليه وسلم على ما ليس فوقه مزيد، وبحسب حب الرجل أحدًا يكون له مناسبة بما للنبي مناسبة به (٣)، وللأنبياء مناسبة بالطاعات على السواء.

قوله [اليوم أسبق أبا بكر] لأن كلا منهما كان عالمًا بحال صاحبه (٤).


(١) كما تقدم التصريح بذلك في رواية أحمد وابن أبي شيبة عن أبي هريرة.
(٢) وقد نبه النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك بتعدد الأسئلة كما في المشكاة برواية أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أصبح منكم اليوم صائمًا؟ قال أبو بكر: أنا، قال: فمن تبع منكم اليوم جنازة؟ قال أبو بكر: أنا، قال: فمن أطعم منكم اليوم مسكينًا؟ قال أبو بكر: أنا، قال: فمن عاد منكم اليوم مريضًا؟ قال أبو بكر: أنا، الحديث. قال السيوطي في التاريخ: وقد ورد هذا الحديث من رواية أنس بن مالك وعبد الرحمن بن أبي بكر، انتهى.
(٣) ويشير إليه ما قال السيوطي في التاريخ: أخرج أبو يعلى عن أبي هريرة مرفوعًا: عرج بي إلى السماء، فما مررت بسماء إلا وجدت فيها أسمى محمد رسول الله، وأبو بكر الصديق خلفي، إسناده ضعيف، لكنه ورد أيضًا من حديث ابن عباس وابن عمر، وأنس وأبي سعيد، وأبي الدرداء بأسانيد ضعيفة يشد بعضها بعضًا، انتهى.
(٤) يعني قول عمر: اليوم أسبقه مبنى على علمه بحال أبي بكر أنه ليس له كثير مال إذ ذاك، وإلا فكيف يقول قبل الاتيان بمالهما، وأجمل القاري بالاختصار في تفسير الحديث فقال: (وافق ذلك عندي مالا) أي صادف أمره بالتصدق حصول مال عندي، فـ (ـعندي) حال من (مال) والجملة حال مما قبله يعني والحال أنه كان لي مال كثير في ذلك الزمان (فقلت: اليوم أسبق أبا بكر) أي بالمبارزة، أو بالمغالبة (إن سبقته يومًا =من الأيام) إن شرطية دل على جوابها ما قبلها، أو التقدير: إن سبقته يومًا فهذا يومه، وقيل: إن نافية أي ما= =سبقته يومًا قبل ذلك، فهو استئناف تعليل (وأتى أبو بكر بكل ما عنده) هو أبلغ من كل ماله بكسر اللام، وأصرح من كل ماله بالفتح (فقلت: لا أسبقه إلى شيء) من الفضائل (أبدًا) لأنه إذا لم يقدر على مغالبته حين كثرة ماله وقلة مال أبي بكر ففي غير هذا الحال أولى أو لا يسبقه، انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>