للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله [ما احتذى النعال] ينبغي أن يحمل الاحتذاء على صنع النعل، والانتعال على لبسها، أو الأول على نوع منها، وهو ما ليس فيه إلا الجلد والشراك، وليس في صنعه كثير اهتمام، بخلاف الثاني فإن في صنعها إتقانًا، وعلى هذا لا يلزم التكرار، وكذلك في الثاني يراد بالمطايا الإبل خاصة، بخلاف الأكوار (١) فإنها عامة، أو غير ذلك من الفروق، ثم لا شك أن العموم (٢) ليس على ظاهره فيخص منه الأنبياء، وكذلك الخلفاء الراشدون بقرينة دلالة العقل، أو يقال: إن جعفرًا لا يحتذي فعلاً ولا يركب ظهرًا إلا وهو موجب على نفسه حقًا للمساكين والمحاويج، ومترحم لهم أن لا يجدوا ذلك، وعلى هذا فلا تخصيص، إذ يمكن أن لا يكون غيره بمثابته في تلك الخلة، أو المراد مدحه في التطهر والنظافة، والمعنى أنه متنظف في جملة حركاته حتى الركوب والتنعل، فلا تخصيص حينئذ أيضًا. قوله [ما أسأله إلا ليطعمني] لأني إذا سألته فلعله يستتبعني (٣)


(١) وفي المجمع: الكور بالضم رحل الناقة بأداته، ومن فتح الكاف أخطأ، انتهى. وقال المجد: الكور بالضم الرحل أو بأدائه جمعه أكوار.
(٢) وإليه مال الحافظ إذ قال في حديث البخاري الآتي قريبًا بلفظ: وكان أخير الناس للمساكين جعفر: وهذا التقييد يحمل عليه المطلق الذي جاء عن عكرمة عن أبي هريرة. قال: ما احتذى النعال، الحديث، أخرجه الترمذي والحاكم بإسناد صحيح، انتهى.
(٣) كما هو نص حديث البخاري في مناقب جعفر عن أبي هريرة أن الناس كانوا يقولون: أكثر أبو هريرة، وإني كنت ألزم رسول الله صلى الله عليه وسلم، الحديث. وفيه: وإن كنت لأستقرئ الرجل الآية هي معي كي ينقلب بي فيطعمني، وكان أخير الناس للمساكين جعفر بن أبي طالب، كان ينقلب بنا فيطمعنا ما كان في بيته.

<<  <  ج: ص:  >  >>