للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والدواب وغير ذلك ما حرم لبسه، وللمانع حمل لفظ أحمر على الحمرة الجائزة (١).

قوله [إنما أموالكم وأولادكم فتنة] وهو الامتحان، وإن كان افتتانه صلى الله عليه وسلم الذي ذكر ها هنا بأفضل من كثير من طاعات الأبرار، وأجزل ثوابًا من جمهرة عبادات الأخيار، ولكن كان فتنة على حسب ما أولاه الله من الفضل والكمال، كيف وقد تتضمن قطعه الخطبة ورفعه إياهما أنواعًا من المصالح والحكم، واستنبط بذاك جملة من المسائل، وهو أن الشاغل من الطاعة وجب رفعه لتقع على ما ينبغي من خلو البال، وأن الإمام يجب عليه مراعاة المقتدين، فإن النبي صلى الله عليه وسلم إن كان يقدر على شغل القلب عنهما إلى الخطبة فإن كثيرًا من الصحابة لم يكونوا يقتدرون عليه لأنهم كانوا يحبونهما بحبه صلى الله عليه وسلم، ولما رأوهما في تلك الحالة أي يمشيان ويعثران خالج قلوبهم من ذلك شيء كاد أن يفسد عليهم استماعهم الخطبة، وأن المرء معذور فيما يفرط عنه من الأفعال التي جبلت الطبائع عليها من حب الأولاد، وغير ذلك كثير.

قوله [لم يذكر] لما كان الحسين رضي الله عنه يذكر (٢) في الحسن، وطعن في حسنه عبيد الله بن زياد وقال: ما رأيت مثل هذا حسنا على سبيل التهكم (٣)


(١) وعليها حمل الحديث عامة الشراح من القاري وصاحب البذل وغيرهما إذ فسروا الحديث بخطوط أحمر، وفي الدر المختار: كره إلباس الصبي ذهبًا أو حريرًا فإن ما حرم لبسه وشربه حرم إلباسه وإشرابه، قال ابن عابدين: لأن النص حرم الذهب والحرير على ذكور الأمة بلا قيد البلوغ والحرية، والإثم على من ألبسهم، لأنا أمرنا بحفظهم، ذكره التمرناشي، انتهى.
(٢) ببناء المجهول، أي كان يذكر حسنه في الآفاق، وكان مشهورًا في الجمال.
(٣) هذا هو الأوجه بل المتعين في معنى الحديث، وهو الظاهر من سياق البخاري بلفظ: أتى ابن زياد برأس الحسين فجعل في طست، فجعل ينكت وقال في حسنه شيئًا، فقال أنس: كان أشبههم برسول الله صلى الله عليه وسلم، لكن القاري فسر حديث البخاري بالمدح إذ قال: وقال ابن زياد في حسنه شيئًا أي من المدح كما سيجيئ، ثم ذكر حديث الترمذي هذا وهو المراد بقوله سيجيئ، وكأنه حمل الحديثين معًا على المدح، ثم قال بعد ما ذكر حديث الترمذي هذا: قبل هذا لا يلايم السياق إلا أن يحمل على الاستهزاء، فحينئذ يحمل استهزاؤه على المكابرة وزيادة المعاندة، انتهى. قلت: وهذا الذي ذكره بلفظ قيل هو موافق لمختار الشيخ وهو الصواب، وفسر صاحب مظاهر الحق حديث البخاري بالتعييب، وحديث الترمذي بالمدح استهزاءً، ومؤداهما واحد، نعم يؤيد القاري ما في الخميس عن ذخائر العقبي: جيء برأسه إلى بين يدي ابن زياد فنكته بقضيبه، وقال: لقد كان غلامًا صبيحًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>