للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والطاعة، وملازمة الرسول صلى الله عليه وسلم، ففاز بالدرجات العلى. قوله [أي أهلك أحب إليك] وكان يراد بالأهل (١) معان متعددة، ولم يكونوا سألوه عن تفضيل أهل بيته فيما بينهم، ولعله عليه الصلاة والسلام علم ما كان السائل أراد بأهل البيت، إلا أنه أجاب بحسب ظاهر اللفظ تكثيرًا للفائدة وتتميمًا للعائدة.

قوله [نسألك عن أهلك] أي وراء ذلك، فإن كل أحد يعلم أن الرجل يحب أولاده ما لا يحب غيرهم، وكذلك الأزواج المطهرات، وإنما السؤال عمن يدانيه ويتعلق به (٢) من الحواشي والخدام، والأخوة وبني الأعمام، وسائر


(١) قال الراغب: أهل الرجل من يجمعه وإياهم نسب أو دين، أو ما يجري مجراهما من صناعة وبيت وبلد، فأهل الرجل في الأصل من يجمعه وإياهم مسكن واحد، ثم تجوز به فقيل: أهل الرجل لمن يجمعه وإياهم نسب، وتعورف في أسرة النبي صلى الله عليه وسلم مطلقًا إذا قيل: أهل البيت، لقوله عز وجل: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ} وعبر بأهل الرجل عن امرأته وأهل الإسلام الذين يجمعهم، انتهى.
(٢) وبذلك جزم من شرح الحديث، قال القاري: ما جئناك نسألك عن أهلك، أي عن أزواجك وأولادك، بل نسألك عن أقاربك ومتعلقيك، ثم في الحديث إشكال ذكره الشيخ خليل أحمد المهاجر على هامش كتابه: يشكل عليه بأن أسامة بن زيد لم يكن من قد أنعم الله عليه وأنعمت عليه، بل مصداقه أبوه زيد، فأوفق السياق هو الذي أخرجه السيوطي في الدر المنثور برواية البزار، وابن أبي حاتم والحاكم وصححه، وابن مردويه عن أسامة في هذا الحديث بلفظ: قالا ما نسألك عن فاطمة، قال: فأسامة بن زيد الذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه، الحديث. انتهى بزيادة. وفي المرقاة: قال الطبي: أي أهلك أحب إليك مطلق، ويراد به المقيد، أي من الرجال، بينه ما بعده وهو قوله: أحب أهلي إلى من قد أنعم الله عليه، وفي نسخ المصابيح: قوله ما جئناك نسألك عن أهلك، مقيد بقوله: من النساء، وليس في جامع الترمذي وجامع الأصول هذه الزيادة، ولم يكن أحد من الصحابة إلا وقد أنعم الله عليه، وأنعم عليه رسوله، إلا أن المراد المنصوص عليه في الكتاب، وهو قوله تعالى: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ} وهو زيد لا خلاف في ذلك ولا شك، وهو وإن نزل في حق زيد لكنه لا يبعد أن يجعل أسامة تابعًا لأبيه في هاتين النعمتين، انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>