للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البركات ثلاثًا كما هو مقتضى اللفظ صار الكل أربعة. قوله [إن أعرابيًا (١) بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام] ولم يكن للمسلمين (٢) رخصة في إقامة دار الكفر إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان، فكان الذي بايع على الإسلام بايع على الهجرة. قوله [أقلني بيعتي] إنما كان ظنًا منه أن البيعة كما كانت انعقدت به صلى الله عليه وسلم فكذلك انفساخها منوط بمشيئته وإرادته، ولم يكن الأمر كذلك، بل المدار في ذلك على عقيدة (٣) المسترشد وإرادته، إن ثبت على عهده الذي عقد فذاك،


(١) قال الحافظ: لم أقف على اسمه إلا أن الزمخشري ذكر في ربيع الأبرار أنه قيس بن أبي حازم، وهو مشكل؛ لأنه تابعي كبير مشهور، صرحوا بأنه هاجر فوجد النبي صلى الله عليه وسلم قد مات، فإن كان محفوظًا فلعله آخر وافق اسمه واسم أبيه، وفي الذيل لأبي موسى في الصحابة قيس بن أبي حازم المنقري، فيحتمل أن يكون هو هذا، انتهى.
(٢) وبذلك جزم الحافظ إذ قال: وكانت الهجرة في ذلك الوقت واجبة، ووقع الوعيد على من رجع أعرابيًا بعد هجرته، انتهى. وقال السيوطي في الجلالين: نزل في جماعة أسلموا ولم يهاجروا فقتلوا مع الكفار يوم بدر {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ} الآية، قال الصاوي: وهل ماتوا عصاة أو كفارًا خلاف؛ لأن الهجرة كانت ركنًا أو شرطًا في صحة الإسلام، قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُم مِّن وَلايَتِهِم} الآية، وهذا كان قبل الفتح، ثم نسخ بعده، انتهى. وحكى صاحب الجمل عن الخازن لم يقبل الله الإسلام من أحد بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم حتى يهاجر إليه ثم نسخ ذلك بعد فتح مكة، انتهى.
(٣) كما هو معروف عند أهل التصوف، حتى قال الأستاذ أبو علي الدقاق: يقول بدء كل فرقة المخالفة، يعني به أن من خالف شيخه لم يبق على طريقته وإن جمعتها البقعة، فمن صحب شيخًا من الشيوخ ثم اعترض عليه بقلبه فقد نقض عقد الصحبة؛ لأنه بذلك ترك تقليد من لزمه تقليده، ووجبت عليه التوبة من ذلك، وقال الشيخ أبو سهل الصعلوكي: من قال لأستاذه: لم، لا يفلح أبدًا، هكذا في القشيرية.

<<  <  ج: ص:  >  >>