للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هاتين الروايتين إنما هو مبني على كون مورد الحديثين واحدًا ولم يبين وعلى كون بلال متعينًا للأذان الأول وعبد الله بن أم مكتوم للثاني وذلك غير متيقن كيف (١) وقد سبق عن قريب أن زياد بن الحارث أذن في الفجر فالجمع بين الحديثين بأن بلالاً كان يؤذن أحيانًا بالليل وأحيانًا بعد الفجر وكذلك ابن أم مكتوم مرة كذا ومرة كذا فاتفق أن بلالاً نام يوم توبته لتأذين الفجر مع أن الأذان الأول قد قاله غير بلال في وقته في الليل فلما استيقظ بلال ورأى ضياء ولغفلة نومه لم يميزه (٢) عن ضياء الفجر بادر إلى التأذين الذي كانوا انتظروه لصلاة الفجر وحرمة الطعام والشراب فلما كان الفجر لم ينبلج أمر النبي صلى الله عليه وسلم بنداء أن العبد نام حتى لا يعتدوا به، وبذلك يصح أثر عمر فإنه كان يعلم أن تأذين الفجر لا يصح إلا بعد الفجر فأمر بإعادة الأذان فعلم أن حديثي أن العبد نام ولا يمنعكم أذان بلال كلاهما صحيح فإنما هما واقعتان ونداء نوم العبد كمان لتأذين صلاة الفجر قبل انبلاج الفجر وبذلك عرفت جواب ما يرد على ظاهر قوله أن بلالاً يؤذن بليل


(١) بل وقد ورد عكس حديث الباب رواه أبو الوليد وكذا أخرجه ابن خزيمة وابن المنذر وابن حبان من طرق عن عائشة وكذلك أخرجه الطحاوي والطبراني من طريق آخر وادعى ابن عبد البر وجماعة أنه مقلوب وأن الصواب حديث الباب، قال الحافظ: وكنت أميل إلى ذلك إلى ان رأيت الحديث في صحيح ابن خزيمة من طريقين آخرين عن عائشة، وفي بعض ألفاظه ما يبعد وقوع الوهم فيه ثم جمع بينهما بأن الأذان كان بينهما نوبًا وحكى هذا الجمع عن ابن خزيمة وابن حبان وغيرهما.
(٢) فقد روى عن ابن عمر أن بلالاً أذن قبل الفجر فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ما حملك على ذلك فقال استيقظت وأنا وسنان فظننت أن الفجر طلع فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن ينادي بالمدينة ثلاثًا أن العبد قد نام، الحديث، رواه البيهقي وإسناده حسن قاله النيموي.

<<  <  ج: ص:  >  >>