للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقيل له أصبحت أصبحت وكان مدار ذلك على ما ذهب إليه بعض فقهائنا أن حرمة الطعام على الصائم ليس من انبلاج الفجر إنما هو على التبين إذ على هذا التقدير كلا التأذينين يقعان في الوقت، وأما على مذهب من قال بحرمة الأكل من حين الانبلاج فليس لصحة ذلك التأويل من سبيل إذ قول النبي صلى الله عليه وسلم كلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم إنما هو تصريح بوقوع الأكل بعد أذان بلال لا يقال إذا كان تفاوت بين الأذانين مقدار العروج والنزول فكيف يمكن في ذلك المقدار من الزمان الأكل والشرب قلنا إن طعامهم كان علقمة (١) لا يحتاج فيها إلى كثير وقت فإنما هي تميرات وشربة ماء ويمكن الجواب عن أصل الإيراد الواقع على الأحناف بتسليم إباحة الأذان لغير الفرائض وقد ثبت مثل ذلك في الشرع فإن النبي عليه السلام أمر بالأذان عند الحريق وظهور الغول وغير ذلك ولا يبعد استنباط ذلك عن كلام الفقهاء أيضًا فإنهم قالوا بسنية الأذان للفرائض الخمس فحسب، وأما إباحته لغيرها (٢) فغير منفى.

[قال أبو عيسى هذا حديث غير محفوظ] اشتبه الأمر في الجمع بين هذين الحديثين: حديث أن العبد نام، وحديث أن بلالاً يؤذن بليل على هؤلاء الفحول فأجابوا بما ليس له مسحة من القبول وأقروا بتضعيف إحدى الروايتين من غير شاهد عليه عدول وما ذلك إلا ميل عن الصراط السوي أو عدول، وتقرير الحافظ في هذا المقام ظاهر لا يحتاج إلى حل وبيان لكنه يرد عليه أن تضعيف إحدى


(١) قال في المجمع يجتزئ بالعلقة أي يكتفي بالمبلغة من الطعام وهو بضم عين أي قدر ما يمسك الرمق يريد القليل، انتهى.
(٢) ففي الأوجز مشروعيته في أذن المولود وعند تغول الغيلان وإذا استصعبت دابته وساء خلق رجل يحسن الأذان في أذنه وفي أذنه المهموم والمصروع والغضبان وعند مزدحم الجيش وعند الحريق ولمن ضل الطريق في أرض قفر، انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>