والرواية الظنية في منزلتها فقلنا بوجوب تعيين لفظ التكبير وفرضية ذكر مطلق الاسم فلو شرع بغير لفظ الله أكبر تمت صلاته وأثم لترك الواجب وهكذا يقول في قوله عليه السلام تحليلها التسليم فإن الخروج بلفظ السلام إنما هو واجب عليه والفرض الخروج أو الخروج بصنعه فلو أحدث بعد التشهد أجزأته عن فرض الوقت وإنما الاحتياج إلى الإعادة في أداء الواجب لا غير وذلك لقوله في حديث الأعرابي إذا قلت هذا أو فعلت فقد تمت صلاتك فلما علق الاتمام بذاك لم يبق للفظ السلام إلا الوجوب إذ لو كان من الأركان لما كان للتمام معنى.
قوله [ولا صلاة لمن لم يقرأ بالفاتحة وسورة معها] هذه الرواية توجب تخصيص النص القرآني المطلق وهو قوله تعالى {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآَنِ} فإن مقتاضاها جواز الصلاة بأية سورة كانت فوجب القول بالوجوب في حق الفاتحة حتى لا يبطل موجب النص فقلنا يجب عليه قراءة الفاتحة كوجوب (١) قراءة سورة
(١) وضم السورة واجبة عندنا وحكى عن أحمد، وبه قال ابن كنانة من المالكية قاله العيني، وقال ابن قدامة لا نعلم بين أهل العلم خلافًا في أنه يسن، والأصل في ذلك فعله صلى الله عليه وسلم فإن أبا قتادة روى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الأولين من الظهر بفاتحة الكتاب وسورتين وغير ذلك من الروايات وقد اشتهرت قراءة النبي صلى الله عليه وسلم للسورة مع الفاتحة في صلاة الجهر ونقل نقلاً متواترًا وأمر به معاذًا فقال اقرأ بـ {الشَّمْسِ وَضُحَاهَا} و {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (١)}، انتهى انتهى، قال العيني: وقد وردت في ذلك (أي الوجوب) أحاديث كثيرة، منها ما رواه أبو سعيد مرفوعًا بلا صلاة «إلا بفاتحة الكتاب وسورة معها» رواه ابن عدي في الكامل، وفي لفظ: ((أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نقرأ الفاتحة وما تيسر)) ورواه بن حبان في صحيحه، ولفظه أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نقرأ الفاتحة وما تيسر ورواه أحمد وأبو يعلى في مسنديها، قال النيموي: إسناده صحيح، قال العيني وروى ابن عدي من حديث ابن عمر مرفوعًا لا تجزئ المكتوبة إلا بفاتحة الكتاب وثلث آيات فصاعدًا وروى أبو نعيم من حديث أبي مسعود لا تجزئ صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب وشيء معها وصح أيضًا عن جماعة من الصحابة إيجاب ذلك، انتهى، قلت حديث أبي سعيد هذا ذكره النيموي بلفظ ((أمرنا أن نقرأ بفاتحة الكتاب وما تيسر ثم قال رواه أبو داؤد وأحمد وأبو يعلى وابن حبان، وإسناده صحيح وحكى في التعليق عن ابن سيد الناس إسناده صحيح ورجاله ثقات، وعن الحافظ في التلخيص: إسناده صحيح، وفي فتح الباري بسند قوي، وفي الدراية صححه ابن حبان، انتهى.