للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله [يفتح صلاته ببسم الله الرحمن الرحيم] أنت تعلم أن هذا ليس يكفي للمستدل على دعوى (١) الجهر بها وذلك لأن الصحابة كانوا يسمعون قراءته وأدعيته وإن أخفت هو بنفسه وربما كان يسمعهم الكلمة والكلمتين أو علموا افتتاحه بها بإخباره عن افتتاحه بها فلا قرينة فيها على الجهر غاية ما يلزم من ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقولها عند افتتاح القراءة ونحن لا ننكره فلو كان يلزم الجهر بهذا الافتتاح لزم القول يجهر الثناء والتعوذ مع أنهم ليسوا بها قائلين.

[باب في افتتاح بالحمد لله رب العالمين] غرض الترمذي من وضع هذا الباب بيان أن قراءة الفاتحة في الصلاة قبل قراءة السورة وأنت تعلم أنه يدل على ترك الجهر ببسم الله وتأويل الشافعي في ذلك يحكي (٢) تأويله في الأسفار ولكن نقول من جانبه وجانب أتباعه في شأنه:

إذا قالت حذام فصدقوها

فإن القول ما قالت حذام

وأعوذ بالله أن أقول طعنًا عليه وتنقيصًا لشأنه وإنما سبق ذلك مني لغلبة حب حماة الدين وحملة لواء العلم واليقين فإن التسمية لو كانت جزءًا من الفاتحة لما صح التكلم بجزئها المتوسط للتعريف والتمييز فإن الشائع في مثل ذلك التلفظ بأول الجزء وابتداء السورة ولكن محل العذر منهم واسع بأن يقال (٣) لما لم يكن


(١) كيف وقد ورد في حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا استفتح الصلاة كبر ثم قال إن صلاتي ونسكي، الحديث، وفي حديث عائشة الاستفتاح بسبحانك اللهم وفي حديث علي بالتوجيه وهكذا أدعية الركوع والسجود ولم يستدل أحد بها على الجهر بها.
(٢) أي يشبه قال المجد حكيت فلانًا حاكيته شابهته وفعلت فعله أو قوله سواء، انتهى.
(٣) فيه أن في مثل هذا الموضع يذكر أول الجزء والجزء الفارق معًا كقولهم ((حم السجدة)) لا أن يذكر الجزء الوسطاني.

<<  <  ج: ص:  >  >>