للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجهلة كهؤلاء حرمته مع أن قياس رواية رفع اليدين على التطبيق في النسخ قياس مع فارق فإن دليل النسخ واضح في الرفع دون التطبيق وهو روايته الحديثين كليهما في الرفع ثم عمله (١) بعدم الرفع ولا كذلك التطبيق وكل ما استدل به الخصم على مرامه لا يضرنا شيئًا وكل ما استدل به علماؤنا لا يسعهم جواب عنه إذ غاية ما يلزم من حديث عبد الله بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم رفع يديه قبل الركوع وبعده وقد عرفت أنا لا تنكره وهو لا يضرنا وما ذكره البخاري من روايات الرفع فصحتها مسلمة فكان لا يلزم من ذلك كونها معمولاً بها فقد روى البخاري في صحيحه من روايات مدة حياة النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث روايات: رواية ستين وخمس وستين وثلاث وستين والثلاثة صحيحة لكن لا يلزم منها صدقها فإن الصادقة منها واحدة قط وبذلك عرفت أن الحنفية يثبتون الإرسال عند الركوع وغيره، والشافعية ينكرونه والمثبت مقدم على النافي كما عرفت واندفع بذلك ما قيل أن الرفع وجودي وعدم الرفع عدمي محض فكيف يرفع الوجود وذلك لأن الرفع وإن كان وجودًا لكن عدم الرفع ليس عدمًا محضًا وإنما هو عدم ثابت فكان في حكم الوجود وما عدوا من الصحابة فيمن لم يرفع دال على أنهم قد بلغهم نسخه وإلا فلما لم يك في رفع النبي صلى الله عليه وسلم إنكار نكير فأي معنى لعدم رفع من لم يرفع فكان الذي يرى عدم الرفع أو يرويه مثبت أمر زائد إذًا لكل متفق على الرفع ثم الكلام إنما هو في بقاء ذلك الرفع ورفعه فمن أثبت رفع الرفع أثبت أمرًا زائدًا على الأصل فوجب القول بقبوله كما هو المقرر عندهم كيف وقد ثبت النسخ باتفاق بيننا وبينهم في جنس ذلك الحكم وهو الرفع بين السجدتين، وما قالوا من أن حديث الرفع بين السجدتين ضعيف فضعيف لما قد ثبت أن ابن طاؤس كان يرفع بين السجدتين ويستند بأن أباه طاؤسًا كان يفعله فأي بعد في أن نسخ الرفع بين السجدتين كما لم يبلغ طاؤسًا (٢) وابنه مع ثبوته، كذلك لم يبلغ نسخ الرفعين الباقيين هؤلاء الذين


(١) هكذا في الأصل والصواب في الرفع وعدمه ثم عمله إلخ.
(٢) وغيرهما أيضًا قال النيموي: إليه ذهب بعض أهل العلم من الصحابة والتابعين وغيرهم خلافًا للجمهور أخرج ابن أبي شيبة عن الحسن وابن سيرين أنهما كانا يرفعان أيديهما بين السجدتين وأخرج أيضًا عن نافع طاؤس يرفعان أيديهما بين السجدتين، وفي جزء رفع اليدين للبخاري عن الربيع رأيت الحسن ومجاهدًا وعطاءًا وطاؤسًا وقيس بن سعد والحسن بن مسلم يرفعون أيديهم إذا ركعوا وإذا سجدوا، قال عبد الرحمن بن مهدي: هذا من السنة، انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>