هذا إنما هو نفي لما هو أكثر أحواله صلى الله عليه وسلم وإلا فقد ثبت عنه الزيادة على هذا (١) العدد وما رام به البعض من التطبيق بين هذه الروايات يجمع الركعتين بعد العشاء معها وعدمه فيرده أن المتبادر من صلاة الليل لا سيما صلاته صلى الله عليه وسلم التي كانت بعد نومه وبعد صلاة العشاء بكثير هي صلاة التهجد فكيف يجمع معها.
قوله [ثم يصلي أربعًا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن] هذا ما استدلت به الأحناف على كون صلاة الليل أربعًا بنية، فإنها قالت كان يصلي أربعًا، فلما ذكرت أربعًا بلفظ واحد، وذكرت أربعًا أخرى بعدها بلفظ، ثم علم أن هذه الأربعة منفصلة عن الأربع الأول ولا فصل إلا بسلام بخلاف الأربع نفسها، فإنها لا فصل فيما بينها بتسليم حتى يكون الصلاة مثنى مثنى، وكذلك قولها ثم يصلي ثلاثًا فإنه يقتضي أن لا فصل فيما بينها حتى يلزم الوتر بواحدة مع أن عائشة رضي الله عنها كانت توتر بثلاث وأنت تعلم أن استدلالهم هذا غير تام، فإن الفصل بعد الأربع هو الفصل بعد الثمان قبل الوتر وهو فصل نوم وتحديث مع أهله واضطجاع لا فصل تسليمة وإلا فكيف يصح قولها أتنام قبل أن توتر فلا ينافي الفصل بين كل ركعتين بتسليمة فأفهم.
وأما قولها [أتنام قبل أن توتر] فإنها لما رأت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي أربعًا ثم
(١) حتى من رواية عائشة بنفسها أيضًا، فقد روى عنها كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة، كما أخرجه مالك في موطأه برواية عروة الروايات عنه، وكذلك روى ثلاث عشرة ركعة من حديث أم سلمة وجابر وزيد بن خالد الجهني، وروى عن علي أنه صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل ست عشرة ركعة، كما بسط في الأوجز قال القارئ قوله في رمضان أي في لياليه وقت التهجد فلا ينافيه زيادة ما صلاها بعد صلاة العشاء من صلاة التراويح، انتهى.