للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خلفك] هذا لا يبعد في الركوع والسجود وفي القيام أيضًا، إذا لم يتحول صدره عن جانب القبلة أو يأخذه بيده ثم يرميه خلفه.

قوله [وسجد معه المسلمون والمشركون والجن والإنس] علم ابن عباس بسجود الجن لما أخبره النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، وأما سجود المشركين فقال بعضهم كان الشيطان أجرى على لسان النبي صلى الله عليه وسلم كلمات فرح المشركون بسماعها فسجدوا معه حين سمعوه قرأ آية وسجد وطمعوا فيه أن يعود وهي ((تلك (١) الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لترتجي)) وهذا الجواب والوجه غلط محض لا ينبغي التعويل عليه، وإن صدر عن القوم الذين يشار إليهم بالبنان لكنه خلاف صريح، وقال بعضهم وهو أخف من الأول إن الشيطان تمثل بصورة النبي صلى الله عليه وسلم ونادى بهذه الكلمات فسمعها المشركون والمسلمون ففرحوا به وشجنوا (٢) وهذا أيضًا خلاف، وقال بعضهم: ولا بعد فيه لو ثبت أن الشيطان نفخ هذه الكلمات في آدان أوليائه فكان ما كان، والحق (٣) في التوجيه لسجدة المشركين أن جلاله تعالى


(١) بسط الحافظ الكلام على القصة في الفتح ولخصه الشيخ في البذل، وبعد ذكر الوجوه المختلفة، رجح قول من قال أنه صلى الله عليه وسلم كان يرتل القرآن فارتصده الشيطان في سكتة من السكتات ونطق بتلك الكلمات محاكيًا نغمته بحيث سمعه من دنى إليه فظنها من قوله وأشاعها، ورد البيضاوي هذا الاحتمال أيضًا.
(٢) الشجن محركة الهم والحزن لف ونشر غير مرتب، ففرح المسلمون وشجن المشركون.
(٣) وهكذا أفاده شيخ مشايخنا الدهلوي في حجة الله البالغة إذ قال: وتوجيه الحديث عندي أن في ذلك الوقت ظهر الحق ظهورًا بينًا فلم يكن لأحد إلا الخضوع والاستسلام فلما رجعوا إلى طبيعتهم كفر من كفر، وأسلم من أسلم، ولم يقبل شيخ من قريش تلك الغاشية الإلهية لقوة الختم على قلبه إلا بأن رفع التراب إلى الجهة فعجل تعذيبه بأن قتل ببدر.

<<  <  ج: ص:  >  >>