للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكبرياءه حين قراءة النبي صلى الله عليه وسلم سورة النجم عم أطراف العالم وأحاط أكنافه حتى لم يبق في العالم مؤمن ولا مشرك إلا سجد بسجود النبي صلى الله عليه وسلم وكان هذا من معجزاته، ومعنى آية الكتاب {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ} ليست على ما فسره في الجلالين (١) مستعينًا بالرواية التي أظهرنا لك حالها، بل المعنى (٢) ما من نبي إلا إذا قرأ خلط الشيطان بقراءته كلمات من عنده فنبه إلى النبي والرسول وألقاها في قراءته، وهذا المراد بالإلقاء لا ما قالوا، وقد فسر البيضاوي (٣) هذه الآية بما يغاير تفسيرنا وتفسير


(١) إذ قال إلا إذا تمنى أي قرأ ألقى الشيطان في أمنيته أي قراءته ما ليس القرآن مما يرضاه المرسل إليهم، وقد قرأ النبي صلى الله عليه وسلم في سورة النجم بمجلس من قريش بعد {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (١٩) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى (٢٠)} بإلقاء الشيطان على لسانه صلى الله عليه وسلم من غير علمه صلى الله عليه وسلم «تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لترتجي» ففرحوا بذلك ثم أخبره جبرائيل بما ألقاه الشيطان على لسانه من ذلك فحزن فسلى بهذه الآية ليطمئن، انتهى، وبسط الكلام عليه صاحب الجمل فأرجع إليه.
(٢) وتقدم قريبًا أن الحافظ وغيره من المحققين رجحوا هذا المعنى، لكن البيضاوي رده أيضًا.
(٣) إذ قال: إلا إذا تمنى أي إذا زور في نفسه ما يهواه، ألقى الشيطان في أمنيته أي في تشهيه ما يوجب اشتغاله بالدنيا كما قال صلى الله عليه وسلم: وإنه ليغان على قلبي فاستغفر الله في اليوم سبعين مرة، فينسخ الله ما يلقي الشيطان فيبطله ويذهب به بعصمة من الركون إليه والإرشاد إلى ما يزيحه ثم يحكم الله آياته، أي ثم يثبت آياته الداعية إلى الاستغراق في أمر الآخرة. قيل: حدث نفسه بزوال المسكنة فنزلت، وقيل تمنى لحرصه على إيمان قومه أن ينزل عليه ما يقربهم، ثم ذكر قصة الغرانيق ثم ردها.

<<  <  ج: ص:  >  >>