للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنت يا معاذ، ثم قال: إما أن تصلي معي أي فلا تصل بالقوم، وإما أن تخفف عن قومك، أي إن لم تصل معي وصليت بهم فعليك بالتخفيف، لكنه يرد على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لما لم يأمرهم أن يعيدوا صلواتهم علم أن أمره إياه بذلك إنما كان للتخفيف عليهم أو التردد على سبيل منع الخلو أي لا تترك هذين الأمرين: الصلاة معي والتخفيف على قومك، ولا يضرك جمعهما بأن تصلي معي ثم تؤم قومك وتخفف عليهم، والجواب أن عدم الذكر لا يستلزم عدم الوجود، ومنشأ الخلاف بيننا وبين الشافعي أنه يقول: صلاة الجماعة صلاة على سبيل الاجتماع، وليس بيني المأموم على صلاة الإمام صلاته ومعنى قوله: الإمام ضامن ليس إلا أنه ضمن لهم قراءة ما دون الفاتحة، وعندنا ليس الأداء على سبيل الجماع فقط، بل المؤتم يبني صلاته على صلاة الإمام، ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم: الإمام ضامن أن الإمام تضمنت صلاته صلاة المأموم فلا تكون أقل حالاً من صلاته ولا غيرها (١) فلا يجوز اقتداء المفترض بالمتنفل ولا بمفترض آخر، وإذا فسدت صلاة الإمام فسدت صلاته، لما أنها كانت مبنية على صلاته والشافعي يخالفنا في جميع ذلك، ويبتني على ذلك الأصل المختلف فيه بيننا وبينه ما قال من جواز اقتداء الرجال بالصبي، واستدل (٢) على ذلك بحديث عمرو بن


(١) عطف على قوله: أقل أي لا تكون صلاة الإمام أقل حالاً من صلاة المأموم، ولا تكون صلاته غير صلاته كمفترض الظهر خلف المتنفل أو خلف مفترض العصر مثلاً.
(٢) أي استدل الإمام الشافعي على أصله بحديث عمرو بن سلمة، قلت: واستدل الحنفية على أصلهم غير ما تقدم بقوله صلى الله عليه وسلم: إنما جعل الإمام ليؤتم به، الحديث، قال ابن عبد البر في الاستذكار: زاد معن في الموطأ عن مالك: فلا تختلفوا عليه، ففيه حجة لقول مالك والثوري وأبي حنيفة وأكثر التابعين أن من خالفت نيته نية إمامه بطلت صلاة المأموم، إذ لا اختلاف أشد من اختلاف النيات التي عليها مدار الأعمال، وفي التمهيد روى الزيادة ابن وهب ويحيى بن مالك وأبو علي وجماعة قال الأبي في شرح مسلم: ففيه حجة لمالك والجمهور في ارتباط صلاة المأموم بصلاة الإمام سيما مع زيادة قوله: فلا تختلفوا عليه، كذا في الأوجز.

<<  <  ج: ص:  >  >>