للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوداع التي نحر فيها النبي صلى الله عليه وسلم مأة من الإبل وهذه المأة (١) التي أتى بها علي، قيل كانت مشتركة بينهما وقيل بل خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم كانت يدنات على رضى الله عنه علاوة (٢) عليها وكان اشترى بدنات النبي صلى الله عليه وسلم من بيت المال (٣) لأنه كان عاملاً على اليمن فلا جواب (٤) إلا بإرجاع الضمير إلى مطلق الهدايا التي نحرها النبي صلى الله عليه وسلم في زمان من الأزمنة وعمرة من العمر لا إلى الهدايا التي نحرها في حجة الوداع فهذه جملة اعتراضية أوردها الراوي في قصة النبي صلى الله عليه وسلم استطرادًا وإشارة إلى أن هدايا النبي صلى الله عليه وسلم كانت تكون سمينة لا هزالاً وثمينة ولا رخيصة، وأحب الأموال إلى أهلها لا المرغوب عنها، كيف وجمل أبي جهل وهو سيد قريش جمل أبي جهل أو يكون غلطًا من حد الرواة ونسيانًا، وفي شرب النبي صلى الله عليه وسلم مرقة اللحم إشارة إلى أن المرقة في حكم اللحم ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم المرقة أحد اللحمين فيحنث (٥) بشرب المرقة من حلف أنه لا يأكل اللحم.


(١) نسبة الإتيان بمأة إلى علي رضي الله عنه مجاز فإنه رضي الله عنه أتى ببعضها كما في حديث الباب وغيره.
(٢) قال المجد العلاوة بالكسر أعلى الرأس، وما وضع بين العدلين ومن كل شيء ما زاد عليه، انتهى.
(٣) يعني اشتراها بماله صلى الله عليه وسلم من بيت المال كما صرح به في تقرير مولانا رضي الحسن المرحوم، قال النووي: ما أهدى به على اشتراه لا إنه من السعاية على الصدقة.
(٤) وأجاب عنه أبو الطيب بأنه أهدى لأنه يذبح بمكة ولم يدخلوا مكة فلم يذبحوه فأهدى في حجة الوداع، انتهى.
(٥) هكذا في الأصل وكذا في الإرشاد الرضى، لكن كلام الفقهاء يشير إلى تقييده بالنية ففي الدر المختار لا حنث في حلفه لا يأكل لحمًا بأكل مرقه أو سمك إلا إذا تواهمًا للعرف، قال ابن عابدين قوله بأكل مرقه قيده في الفتح بحثًا بما إذا لم يجد طعم اللحم أخذًا مما في الخانية لا يأكل مما يجثى به فلان فجاء بحمص فأكل من مرقه وفيه طعم الحمص يحنث، انتهى، وفي العالمكيرية عن الخلاصة لو حلف لا يأكل من هذا اللحم شيئًا فأكل من مرقه لا يخنث إن لم يكن له نية المرقة، انتهى، قلت: وهكذا قيده بالنية غيرهما إلا أن كلام ابن الهمام المذكور يشير إلى إطلاقه ونص كلامه حلف لا يأكل مما يجيئ به فلان فجاء بحمص فطبخ فأكل من مرقه وفيه طعم الحمص حنث، ذكرها في فتاوى قاضي خان، وعلى هذا يجب في مسألة الحلف لا يأكل لحمًا فأكل من مرقه أنه لا يخنث أن يقيد بما إذا لم يجد طعم اللحم، انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>