يرى ذلك وقول محمد بن عبد الله وهما يذكران التمتع يريد بالتمتع معنى عامًا يشمل القرآن والتمتع الاصطلاحيين وهو الإتيان بهما في سفر سواء كان بتخلل التحلل بينهما أو بغير تخلله، فقال الضحا بن قيس: لا يصنع ذلك إلا من جهل أمر الله لأنه ليس أولى نسبة إلى الإفراد، وقد قال تعالى {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} وإتمامهما أن يأتي بهما في سفرين على ما فسره بعضهم وكان عمر رضي الله عنه ينهى عن ذلك نهى تنزيه لا تحريم لكون الإفراد أفضل عنده من القرآن والتمتع، فقال سعد: بئس ما قلت يا ابن أخي وقول سعد هذا إما لأنه كان يرى فضلاً للتمتع على الإفراد مستدلاً بفعله صلى الله عليه وسلم أو لأن ترك ما هو أولى ليس مما يجوز نسبة الجهل إلى مرتكبه كما فعله الضحاك بن قيس، كيف وقد فعله النبي صلى الله عليه وسلم وعلى هذا إسناد صنع وصنعنا كلاهما حقيقتان، لأن أكثر أصحابه صلى الله عليه وسلم (إنما المراد ههنا الكثرة في نفسه لا نظرًا إلى الجانب الآخر) كان معهم هدى فلم يكونوا حلوا، منهم أبو بكر رضي الله عنه وعمر رضي الله عنه وعثمان رضي الله عنه وعلي رضي الله عنه.
قوله [وهو يسأل ابن عمر رضي الله عنه عن التمتع بالعمرة إلى الحج] هذه ليست بمتعة فسخ إنما هي التمتع العام للقرآن والمتعة الاصطلاحيين ولعله أراد أن ينظر ماذا يجيب ابن عمر في مقابلة أبيه وقد كان ابن عمر رأى وعلم ما علهي بناء نهى عمر وأنه نهى تنزيه إلا أنه أراد أن لا يناظر بجاهل من أهل الشام، فاستخلص منه نفسه بأسهل تقرير فلله دره.
قوله [وأول من نهى عنه معاوية] لعل معاوية (١) شدد في أمر النهي عنه وإلا فالنهي عنه كان من زمن عمر، قوله [وقال بعضهم لا يصوم أيام
(١) وقال أبو الطيب ويمكن الجمع بينهما بأن نهي معاوية كان نهي تحريم ونهي عمر وعثمان نهي تنزيه.