ثمة، وفيه أنه صلى الله عليه وسلم قال: لو أني استقبلت من أمري ما استديرت لما سقت الهدى ولجعلتها عمرة فمن كان منكم ليس معه هدى فليحل وليجعلها عمرة، فعلم بذلك أن إسناد صنعها مجاز وإسناد صنعناها حقيقة وقول الضحاك فإن عمر بن الخطاب قد نهى عن ذلك اعتذار منه في نسبة الجهل إلى من فعل ذلك وبيان للمنشأ الذي قاده إلى ذلك القول فإن نهى عمر رضي الله عنه لا يمكن أن يكون على خلاف مراد الشارع كيف وقد تأيد نهيه بكلامه تعالى فرد عليه سعد بأنا إذا صنعنا والنبي صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا، وقد أمرنا به فكيف يتمشى علينا نهي عمر رضي الله عنه حتى يجوز لك نسبة الجهل إلى هؤلاء، وحاصل المناظرة على هذا التقرير الذي قدمنا أنهما اتفقا على أن متعة الفسخ منسوخة إلا أن الضحاك نسب مرتكبها إلى الجهل فأنكر عليه سعد هذه النسبة لا غير، وأنه وإن لم يكن مرادًا له غير أن التلفظ باللفظ الموهم ليس بمستحسن أيضًا، إذ يلزم على هذا نسبة الجهل إلى جناب الصحابة رضي الله عنهم بل يلزم سوء الأدب في حضرة الرسالة، فعلم أن في المسائل الخلافية لا يجوز رد أقوال المخالفين إذا كانوا مستدلين بالآيات أو الروايات بحيث يلزم تنقيص في شأنهم أو تحقير ولا يجوز أن يتلفظ بما ليسوا من أهله بل يرد قولهم بألفاظ غير بذيئة، ويمكن توجيه المناظرة بأن سعدًا (١) كان يرى نسخ متعة الفسخ كما أن الضحاك كان
(١) ليس لهذا الكلام غرض في المناظرة بل ذكره توطية وتمهيدًا، وحاصل المناظرة على هذا التقرير أنهما كانا متفقين في نسخ متعة الفسخ ولم يكونا يذكران ذلك بل كانت مذاكرتهما في المتعة المشروعة التي هي عام للتمتع والقرآن الاصطلاحين التي هي مقابلة الإفراد.