الشافعية على جواز النفل (١) بمكة في الأوقات المكروهة وليس بتام فإن هذا خطاب لبني عبد مناف فإن دورهم كانت محيطة بالبيت وكانوا يغلقون الباب فلا يصل الرجل إلى البيت فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، وفي قوله وصلى آية ساعة شاء ليس إلا أن لا يمنعوه حين شاء وظاهر أنه لا يشاء الصلاة في الأوقات المكروهة وإن طاف فيها وقد ثبت مثل مذهبنا عن عمر رضي الله عنه.
قوله [قرأ في ركعتي الطواف بسورتي الإخلاص] إلخ فيه تغليب ومناسبة السورتين بالطواف ظاهر لما فيهما من ذكر التوحيد كما في الطواف اختصاص به تعالى قوله [وهذا أصح] أي من المرفوع، وقوله [وعبد العزيز] إلخ دفع بذلك ما يتوهم من أن زيادة الثقة معتبرة بأنه ليس بثقة قوله [سألت عليًا بأي شيء
(١) اعلم أن في الحديث ثلاثة مسائل إحداهما جواز الطواف بعد العصرين وهو مجمع عليه قال الباجي: لا نعلم فيه خلافًا، انتهى، والثانية جواز ركعتي الطواف إذ ذاك وذكره الترمذي في بيان المذاهب، وفي التعليق الممجد وغيره مذهب الحنفية ومالك والثوري ومجاهد والحسن البصري وغيرهم الكراهة وذهب الشافعي وأحمد وإسحاق وغيرهم إلى الإباحة والثالثة جواز النفل بمكة خاصة في الأوقات المكروهة ذهب إلى ذلك الشافعي رحمه الله والجمهور منهم الأئمة الثلاثة إلى الكراهة ذكرها الشيخ في البذل وإذا عرفت ذلك فالاستدلال بالحديث على المسألة الثانية أو الثالثة ممنوع فقد قال أبو الطيب: المراد بأي ساعة ساعة تجوز الصلاة فيها بلا كراهة وهي مختلف فيها فلا يرد أن في دلالة الحديث على المطلوب يحث كيف والظاهر أن الطواف والصلاة حين يصلي الإمام الجمعة بل حين يخطب الخطيب يوم الجمعة بل حين يصلي الإمام إحدى الصلوات الخمس غير مأذون فيهما للرجال انتهى، قلت: وما أفاده الشيخ من المنع بالاستدلال وجه آخر ويرد على الاستدلال وجوه أخر غير هذين الوجهين فالتقريب ليس بتام.