للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله [قد أدركته فريضة الله في الحج] هذا الشيخ إما أن يكون نزل أمر الحج وهو يقدر عليه ويستطيعه ثم ضعف ولم يحج في العام الأول لعوارض وعوائق أو رجاءًا لشرف معية النبي صلى الله عليه وسلم فيصح إدراكه الحج وهو شيخ كبير أو المراد أن فريضة الله التي هي الحج قد أدرك أبي وهو شيخ كبير يعني أن فريضة الحج نزل والحال أنه قد كبر أبي وضعف حتى لا يستطيع الركوب حتى يفرض عليه إلا أنه يحب ذلك أفيجزئ أن أحج عنه، والتقرير الأول أولى ليثبت (١) بذلك النيابة في فرض الحج ولا يثبت النيابة في الثاني إلا في النافلة.

قوله [ذبحت قبل أن أرمي قال إرم ولا حرج] استنبط بذلك من قال بعدم الترتيب بين هذه الثلاثة فإن لاء نفي الجنس ينفي كل أقسام الحرج، وقال الإمام (٢) أن أمثال هذه في أمثال هذه لا تعد حرجًا فإنهم لما سمعوا الخطبة وعلموا الأحكام ووجدوهم خالفوا ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم كبر عليهم أن لا يكونوا اكتسبوا من حجهم إلا مأثمًا وتحرجوا عن وجوب القضاء فدفعه النبي صلى الله عليه وسلم وقال لا حرج (٣)


(١) وإثبات مسائل الفرض وإحكامها أولى لشدة الاحتياج إليها.
(٢) ما أفاده الشيخ رحمه الله هذا جواب كلي عما ورد في أمثال هذه الروايات مما يخالف الحنفية وإلا فالمسألتان وردتا في حديث الباب لا تخالفان الحنفية في بعض الصور فلا حاجة إلى الجواب وتوضيح ذلك أن في منى أربعة أمور الرمي والذبح والحلق والطواف، والترتيب بين الطواف والثلاثة الباقية سنة لا شيء بتركه صرح بذلك ابن نجيم في البحر، وكذلك الترتيب بين الذبح والثلاثة البواقي سنة للمفرد واجب للقارن والمتمتع ولا ذكر في الحديث أن السائل كان مفردًا أو غير مفرد وليس فيه إلا سؤال تقديم الإفاضة وتقديم الذبح فلا شيء فيهما عندنا أيضًا اللهم إلا أن يقال إن عامتهم كانوا معتمرين أو قارنين فتأمل.
(٣) ويؤيد ذلك ما في رواية أبي داود من زيادة قوله عليه الصلاة لا حرج إلا على رجل اقترض عرض رجل مسلم وهو ظالم فذلك الذي حرج وهلك انتهى، وأنت خبير بأن هذه الكلام بمنزلة النص على أن الحرج المنفي في الحديث هو الإثم فقط، ولا تعلق له بالدم، فإنه لا يجب في اقترض عرض مسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>