للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عموه، قوله [فقال أتؤذيك هوامك] هذا لا ينافي ما ورد في بعض الروايات من سؤال كعب بن عجرة عن هوام رأسه قبل أن يبتدئ النبي صلى الله عليه وسلم يذكرها ويفتشه عن أخوالها فإن الروايات لما كانت بالمعاني وحاصل كل ذلك يؤول إلى معنى واحد اجتمعت الروايات كلها من غير ارتكاب تكلف مستغنى عنه وكانت إجازته للحلق (١) لكثرة ما كان يكابد منها فكان مضطرًا إليها، ولذلك (٢) خيره النبي صلى الله عليه وسلم بين الثلاثة المذكورة من الصيام وغيره ولو حلق من غير عذر لتعين عليه الدم وبذلك يعلم أن إجازة الشرع بشيء ورفع الإثم عنه لا يستدعي ارتفاع الكفارة ودم الجناية عليه وعلى (٣) هذا فمعنى قوله لا حرج في تقديم بعض المناسك على بعض وجوب الكفارة، ثم اعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما رخص له في الحلق لما لا يعلم امتداد أيام الإحرام إلى متى؟ ؟ ؟ وإلا فقد وقعت المصالحة بالكفار بعد ذلك بقليل.


(١) وهل شعور غير الرأس أيضًا في حكمه؟ قال العيني: قد أوجب العلماء الفدية بحلق سائر شعور البدن لأنها في معنى حلق الرأس إلا داود الظاهري فقال لا تجب الفدية إلا بحلق الرأس فقط، وحكى عن المحاملي أن في رواية لمالك لا تتعلق الفدية بشعر البدن كذا في البذل.
(٢) قال العيني: إذا حلق رأسه أو لبس أو تطيب عامدًا من غير ضرورة فقد حكى ابن عبد البر في الاستذكار عن أبي حنيفة والشافعي وأصحابهما وأبي ثور أن عليه دمًا لا غير وإنه لا يخير إلا في الضرورة وقال مالك: بئس ما فعل وعليه الفدية وهو مخير فيها، وحكى زين الدين عن الشافعي وأصحابه المعروف عنهم وجوب الفدية كما جزم به الرافعي كذا في البذل.
(٣) تأييد من الحديث المذكور لمسلك الحنفية في الأحاديث المشهورة التي ورد فيها السؤال عن تقديم بعض الأفعال وتأخيرها وأجاب فيها النبي صلى الله عليه وسلم بـ «افعل ولا حرج».

<<  <  ج: ص:  >  >>