الأكبر يوم عرفة، لما أن الوقوف بعرفة فيه، والحج العرفة، وقيل: بل النهر لما أن معظم أفعال الحج فيه مثل الوقوف بالمزدلفة بعد ما صلوا الصبح بغلس ورمي جمرة العقبة والذبح والحلق وطواف الزيارة.
قوله [أن ابن عمر كان يزاحم على الركنين إلخ] لم يرد بالزحام ما يتبادر منه من الزحام الذي يتأذى به الناس لأنه منهي عنه، كيف وقد ارتكبه من سلم فقاهته بين الأصحاب وتوافقت على كونه ثقة أرباب الألباب، مع أنه لا يظن به إلا ارتكاب ما ليس محظورًا شرعًا، إنما المراد بالازدحام ما يلزمه من احتمال أذى الناس في تزاحمهم وطول تلبثه منتظرًا وقت تفاقمهم.
قوله [إن مسحهما كفارة للخطايا] ولا ريب في أن من لم يستلمه لعذر ازدحام الناس واكتفى باستقباله فإنه يكفر خطاياه، إلا أنه لا يخفى التفاوت بين إتيان الطاعة نفسها، وبين أن يؤتى للرجل ثوابها منة منه سبحانه وفضلاً، فكان ابن عمر أشار بذلك القول إلى فضل الحجر، فيتضح بذلك وجه مقاساته الشدائد في الوصول إليه.
قوله [الطواف حول البيت مثل الصلاة إلا أنكم تتكلمون فيه إلخ].
استدل بذلك من (١) قال إن الطهارة شرط للطواف، فإن التشبيه عنده
(١) قال القاري في شرح النقاية: الطهارة له من الحدثين وستر العورة واجبات عندنا لا شرائط كما قال مالك والشافعي لحديث الباب ولنا قوله تعالى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} وهو في اللغة عبارة عن الدوران حول البيت فمن شرط الطهارة زاد على النص وهولا يجوز بخبر الواحد، فإن قيل فعله صلى الله عليه وسلم الطواف بطهارة كان بيانًا للأمر في حق الطهارة، قلنا إنما يقال بيان إذا كان النص يحتمله بوجه والأمر بالطواف لا يحتمل الطهارة فيصير زيادة لا محالة، والزيادة قد يكون لتعلق أصل الجواز وقد يكون لتعلق الكمال فلا يتعلق به الجواز للاحتمال فعلى هذا أمر الطواف بقدر ما يدل عليه فرض وما زيد عليه بالسنة واجب، انتهى ملخصًا.