للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الورود ليس من مس النار في شيء، قوله [من قدم ثلاثة لم يبلغوا الحنث (١)] اشتراط العدد ليس احترازًا لما قدمنا نعم كونهم لم يبلغوا الحنث شرط ينتفي الحكم بانتفائه ووجه ذلك مع ما نشاهد من كثرة الحزن بفوات الكبير نسبة إلى فوت الولد الصغير أن حزن فوت الصغير إنما يكون لمجرد تعلق الأبوة والأمية الذي وضعه الله سبحانه في الآباء والأمهات، وحزنه على الكبير وإن كان كثيرًا فإنه مشوب بغرضه الدنياوي وحسرة على ما كان قد أمل منه وطمع أن يكون يفيده فوائد وليس ذلك لأن انتفاء الوصف يدل على انتفاء الحكم إذ ليس ذلك من أصولنا فكيف نسلم أن انتفاء الحكم صار لأجل انتفاء الوصف وإنما ألحق الشافعي الوصف بالشرط في ذلك وإنا لم نسلمه في الشرط أيضًا، فكيف بالوصف بل الحكم إنما انتفى ههنا لأن الوعد مشروط بتقدير الصغر فكان النص ساكتًا عن الكبير فلا يثبت الحكم فيه بالقياس سيما وليس الكبير بأولى من الصغير حتى يثبت الوعد فيه بدلالة النص نعم يشمله النصوص الأخر التي وعد فيها بالمثوبة على الهم والحزن ما كانا (٢) وفيها


(١) بكسر المهملة وسكون النون آخره مثلثة الإثم والمراد سن التكليف وإنما خص الإثم بالذكر لأنه هو الذي يحصل بالبلوغ وأما الثواب فقد يحصل للصبي أيضًا، فهو من خواص البلوغ قال القرطبي إنما خصهم بذلك لأن الصغير حبه أشد والشفقة عليه أعظم ومقتضاه أن من بلغ الحنث لا يحصل لفاقده ما ذكر من الثواب وإن كان في فقده ثواب في الجملة وبذلك صرح كثير من العلماء وفرقوا بين البالغ وغيره، وقال الزين بن المنير يدخل الكبير في ذلك بطريق الفحوى لأنه إذا ثبت ذلك في الطفل الذي هو كل على أبويه فكيف لا يثبت في الكبير الذي بلغ معه السعي ولا ريب أن التفجع على فقده أشد قاله أبو الطيب، قلت الظاهر التخصيص بالصغير لما صرح به جمع من المشايخ ووجه تخصيصه ما أفاده الشيخ فإنه وجه وجيه لا غبار عليه.
(٢) الضمير إلى الهم والحزن أي المثوبة على مقدارهما وضمير فيها كثرة إلى الروايات الواردة في المثوبة والأجر على الهم والحزن.

<<  <  ج: ص:  >  >>