للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليصح ترتب التكرار بتكرر الفعل احتيج إلى تعيين الفعلين من هذه الثلاثة، فقالوا النكاح حظه لنفسه، وموجب الأجرين العتق والتأديب، وقيل التأديب واجب عليه فلم يبق الموجب للأجرين إلا الباقيان، وفي كلا التوجيهين نظر، وهو إن إخلاء (١) النكاح، وكذا التأديب وإن كان واجبًا لا يعقل فإن الأجر في أكثر الواجبات أكثر منه في النوافل والفضل في النكاح مشهور، والبعض منهم جعل الإعتاق والتزوج واحدًا كما أن التأديب وإحسان التأديب واحد، وهذا أبعد من الأولين وذلك لأن العتق والنكاح ليس أحدهما من لوازم الآخر، فكيف يعدان واحدًا مع أن الوعد بتكرار الأجر ينبئ عن كثرة الامتنان وليس في التكرار كثير منه على مثل هذين الفعلين اللذين ليس كل منهما خاليًا عن مشقة وعليها يدور كثرة الأجر في مواضع فالصواب أن يعد كل من الأفعال (٢) المذكورة ههنا من الإيمان بالكتاب الأول، ثم بالكتاب الثاني، والتأديب والعتق والتزويج وأداء حق الله وحق مواليه كل منها يعد فعلاً برأسه، وأما ما قيل في توجيه جعل الأفعال الثلاثة المذكورة ثاني اثنين بأن التأديب والإعتاق واحد والتزوج واحد فليس بسديد أيضًا لما ذكرنا من عدم العلاقة بينها وكذلك ما قيل من أن الأجر إنما هو على العتق والنكاح، وأما التأديب فإنه لأجل نفسه فإن أدبها يفيده في معيشته قلنا فكذلك النكاح مفيد له في معيشته فإن قلتم إن المراد به أن يؤتي الأجر على النكاح


(١) أي عن الأجر كما فعله القائلون بهذا إذ قالوا إنه حظ لنفسه.
(٢) هكذا أفاد الشيخ ههنا وهكذا في تقرير مولانا رضي الحسن المرحوم عن الشيخ الكنكوهي -برد الله مضجعه وقدس الله سره- وما أفاد والدي المرحوم نور الله مرقده عند تدريس مشكاة المصابيح أن مناط تكرار الأجر هو التزاحم فكل فعل يوجد فيه التزاحم يثني عليه الأجر فرجل أدى حق الله وحق مولاه يتحقق التزاحم في كل من فعليه فيثني الأجر على كل من فعليه ورجل تعلم الكتاب الأول والثاني فلا تزاحم فيه إلا عند الثاني إذ صار جاهلاً بعد ما كان عالمًا وصار مبتديًا بعد ما كان منتهيًا فيكرر أجره على هذا ورجل أدب أمته لا تزاحم فيه لكن الإعتاق بعد ما تأدبت وكذا التزوج بعده فهذان الفعلان على كل واحد منهما الأجران فتأمل.

<<  <  ج: ص:  >  >>