للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأضحية وسلم أنه لم يكن من ماله (١) ولا ذكر أنه إنما يشتريها له صلى الله عليه وسلم فكيف تجزئ هذه عن أضحيته صلى الله عليه وسلم، فالجواب أما أولاً فأنا لا نسلم ما ذكره السائل من أنه لم يكن من ماله ولا من غير ذكره (٢) كيف وظاهر حاله صلى الله عليه وسلم أنه أعطاه الدنيار حين بعثه لشرائها، وأما ثانيًا بعد تسليم ما ذكر فإن حكيمًا حين سلم له الشاة واقتضى الدينار منه كان بينهما بيع تعاطيًا فصارت الشاة بهذا البيع له صلى الله عليه وسلم.

قوله [ضح بالشاة] فعلم أن أمر التضحية للغير جائز [وتصدق بالدينار] اعلم أن أضحية الفقير تتعين بالشراء له فليس له أن يستبدلها بغيرها ولا ينتفع بدرها وصوفها بعد ذلك ولو فعل لزمته قيمته، وأما أضحية الغني فلا تتعين بنفس الشراء له وله أن يستبد لها بغيرها وينتفع بها وبدرها ويربح فيها إن شاء إلا أنه إذا عينها بعد ذلك ليس لا الانتفاع بها والنبي صلى الله عليه وسلم وإن لم يكن غنيًا إلا أن الأضحية كانت واجبة (٣) عليه، وهو المعنى بالغناء فكان له حكم الأغنياء في وجوبها فيتفرع عليه التفاريع المذكورة فإن تفاوت ما بين الفقير والغني في الأحكام إنما هو منوط على وجوبها في الذمة وعدم الوجوب ولذلك قلنا إن الغني إذا عين شيئًا من ذلك للتضحية حرم له الانتفاع بظهره وبدره بعد ذلك لأن الوجوب قد وجد وهو المدار، فلما باع حكيم أول المشتراتين لم يكن له في ذلك بأس لعدم تعينها للتضحية وطاب الفضل للنبي صلى الله عليه وسلم إلا أنه أمر بتصدقه استحسانًا لكونه قصد أن ينفق فيها دينارين (٤).


(١) أي مال النبي صلى الله عليه وسلم.
(٢) أي من غير ذكر أنه إنما يشتريها له صلى الله عليه وسلم.
(٣) فقد عد الأضحية من جملة الواجبات على النبي صلى الله عليه وسلم الحافظ في التلخيص الجبير والنووي في مبدأ تهذيب اللغات وغيرهما.
(٤) أو لأن ذلك الدينار حصل بربح دينار نوي صلى الله عليه وسلم صرفه في سبيل الله بسبيل الأضحية فأراد أن لا يمسك منافعه أيضًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>