للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السلام أو بعده فأجاب عنه مالك حسب مذهبه إن زاد بسهوه شيئًا في صلاته فبعد السلام، وإن نقص فقبله فقال أبو يوسف فإن أتى بهما أي الزيادة والنقصان معًا فسكت مالك ولم يدر ما يقول له فقال الرشيد لمالك ما لك لا تجب يا إمام فقال أبو يوسف أشيخ يخطئ مرة فلا يصيب (١) أبدًا وفهمه مالك ظانًا أنه يقول الشيخ يخطئ مرة ويصيب أخرى فقال على هذا وجدنا مشايخنا وأخذ أرباب المجلس في القهقهة فقال مالك: وقد أحفظه ضيعهم ذلك وقام مغضبًا من ذهب معاصروه ووقع بأيدي الشأن هكذا سخرت به الأحداث فطار الحديث وامتنع أهل المدينة من المناظرة معه في تعيين الصاع والمد وقالوا نجيب غدًا إن شاء الله تعالى فلما كان من الغد حضروا ومعهم من الأمداد ما شاء الله بعضها قديم وبعضها جديد وما منها مد وزنه رطلان فأنصف أبو يوسف من نفسه ورجع عما كان عليه واستقر رأيه أن الصاع والمد الحجازيين هما المعتبران دون العراقي، وأما الإمام الهمام قدوة العلماء الأعلام فقد ذهب إلى الأحوط ومستدله ما قد نص عليه في بعض الروايات في بيان الوضوء المد رطلان (٢) وعلى هذا فلو أراد الشارع بالمد والصاع


(١) وذكر صاحب الكفاية (وذكر الحافظ في تهذيبه القصة لعمر بن قيس المكي بسياق آخر) عن مبسوط شيخ الإسلام محله الشيخ تارة يخطئ وتارة لا يصيب ولم يذكر القهقهة ولا جواب مالك نعم ذكر في خزانة الروايات محل ذلك هذا جزاء من لم يمت مع أقرانه.
(٢) قلت: بسط الكلام على هذه الروايات الشيخ في البذل وهذا الحقير في الأوجز منها ما وراه الطحاوي بسند صحيح عن عائشة قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم يغتسل بمثل هذا قال مجاهد فحزرته ثمانية أرطال تسعة أرطال عشرة أرطال وقالوا لم يشك مجاهد في الثمانية وإنما شك فيما فوقها.
قلت: وأخرجه النسائي بلا شك فروى في السنن بسنده عن موسى الجهني قال أتى مجاهد بقدح حزرته ثمانية أرطال فقال حدثني عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يغتسل بمثل هذا، قال ابن التركماني: إسناده جيد ثم ذكر توثيق رواته ومنها ما رواه الدارقطني بطريقين عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ برطلين ويغتسل بالصاع ثمانية أرطال وتضعيفه الدارقطني منجبر بالتعدد والجملة الأولى أخرجها الطحاوي بطريقين عن أنس وأخرجها أبو داؤد وسكت عليه هو والمنذري فهو صالح للاحتجاج، ومنها ما رواه أبو عبيد بسنده إلى إبراهيم قال كان صاع النبي صلى الله عليه وسلم ثمانية أرطال ومده رطلين والمرسل حجة لا سيما إذا توبع وههنا كما ترى عدة متابعات له.

<<  <  ج: ص:  >  >>