للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكنه صلى الله عليه وسلم نبه بقوله مالك ولها، معها حذاءها وسقاؤها على العلة التي أوجبت ترك التعرض له وهو أن الغالب عليه السلامة، فأما لو كان ظن الهلاك غالبًا فالواجب هو الأخذ صيانة لأموال المسلمين عن الهلاك، وهذا هو السبب في قول الفقهاء الأفضل في لقطة البقر والإبل أخذها لما شاهدوا في زمانهم من الخيانات والمفاسد مع أن الأسد وغيرها من السباع لم تكثر فيهم كثرتهم بعد في بلاد آخر، قوله [وإلا تصدق بها] أي حيث يتصدق الصدقة الواجبة فلم تجز لغني [وكان أبي كثير المال] لكن الاعطاء المذكور كان قبل يساره (١) ولو سلم فكان بإذن الإمام.

قوله [فعرفه فلم يجد من يعرفه] هذا أيضًا غير صحيح، فإن قصة على رواها أبو داؤد بتفصيل تام كما ننقلها مالك عن سهل بن سعد أن علي بن أبي طالب دخل على فاطمة وحسن وحسين يبكيان، فقال ما يبكيهما قالت الجوع فخرج علي فوجد دينارًا بالسوق، فجاء إلى فاطمة وأخبرها، فقالت: اذهب إلى فلان اليهودي فخذ لنا دقيقًا فجاء اليهودي فاشترى به دقيقًا، فقال اليهودي: أنت ختن هذا الذي يزعم أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: نعم! قال: خذ دينارك ولك الدقيق فخرج على حتى جاء به فاطمة فأخبرها، فقال: اذهب إلى فلان الجزار فخذ لنا بدرهم لحمًا فذهب فرهن الدينار بدرهم لحم فجاء به فعجنت ونصبت وخبزت وأرسلت إلى أبيها فجاءهم صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله أذكر لك فإن رأيته لنا حلالاً أكلناه وأكلت معنا من شأنه كذا وكذا، قال: كلوا بسم الله فأكلوا فبيناهم مكانهم إذ غلام ينشد إليه والإسلام الدينار فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعى له فسأله فقال سقط مني في السوق، فقال النبي: يا علي اذهب إلى الجزار، فقل له إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لك أرسل إلي بالدينار ودرهمك علي فأرسل به فدفعه رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه


(١) فإنه كان في زمن من الفقراء، كما يدل عليه تصدق أبي طلحة بستان بيرحاء علي حسان وأبي مع قوله صلى الله عليه وسلم له اجعلها في فقراء أهلك فلو لم يكن فقيرًا كيف استحق صدقة بيرحاء، كذا أفاده الشيخ في تقريره أبي داؤد وحكاه شيخنا في البذل.

<<  <  ج: ص:  >  >>