للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إليه فكان النبي صلى الله عليه وسلم حين أجمل الأمر فذكر بما الموصولة كان الجواب له أن يقول لا شيء يا رسول الله صلى الله عليه وسلم يتقولون بأقاويل لا أصل لها وذلك لأن كلمة ما لا يهامها يمكن صدقها على كل شيء، فكان له مساغ الإنكار بحملها على غير تلك الوقعة فلا يلزم الكذب ولم يجب الحد، قوله [فهلا تركتموه] ليس المراد بذلك أنه إذا فر يترك بل الفرار منه لما كان دلالة على الرجوع يؤتي به عند الإمام فإذا رجع عنده عن إقراره ترك (١) [ولم يصل عليه] تفظيعًا لأمر الزناء ثم صلى بعد ذلك على المحدودين لما حصل المرام.

قوله [ولم يقل فإن اعترفت أربع مرات] لما كان اعتراف الزناء هو الاعتراف الرباعي لم يحتج إلى التصريح بالعدد لعلم الصحابة بذلك لما عرفوه في وقعة ماعز، فقد صرحت الروايات بإقرار ماعز أربع مرات في أربعة مجالس من مجلس المقر (٢)، وكان ماعز يذهب كل مرة ثم يعود من حيث شاء الله، ولا يشترط


(١) استدل بالحديث على أنه يقبل من المقر الرجوع عن الإقرار ويسقط منه الحد، وإلى ذلك ذهب أحمد والشافعية والحنفية، وهو قول لمالك ورواية عنه وقول الشافعي أنه لا يقبل منه الرجوع عن الإقرار بعد كماله كغيره من الإقرارات قال الأولون: ويترك إذا هرب لعله يرجع، هكذا في البذل وما حكى فيه صاحب الهداية من خلاف الشافعي تعقبه ابن الهمام إذ قال والمسطور في كتبهم أنه لو رجع قبل الحد أو بعد ما أقيم عليه بعضه سقط.
(٢) إشارة إلى رد ما يرد على الحنفية من أنهم قالوا أن يكون الإقرار في أربعة مجالس وههنا لم يتبدل مجلس النبي صلى الله عليه وسلم، وحاصل الدفع أن التعدد يحتاج إليه لمجالس المقر لا لمجالس القاضي، وهو ههنا حاصل فإنه صلى الله عليه وسلم يعرض عنه في كل مرة ويدفعه عن محضر منه صلى الله عليه وسلم، قال صاحب الهداية: والإقرار أن يقر البالغ العاقل أربع مرات، في أربعة مجالس من مجالس المقر، كلما أقر رده القاضي، وبسطه ابن الهمام، واستدل لذلك بما في رواية مسلم عن أبي بريدة أن ماعزًا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فرده، ثم أتاه الثانية من الغد فرده، الحديث، وبما أخرجه أحمد وابن أبي شيبة وغيرهما عن أبي بكر قال أتى ماعز النبي صلى الله عليه وسلم فاعترف وأنا عنده مرة فرده، ثم جاء فاعترف عنده الثانية فرده، ثم جاء فاعترف عنده الثالثة فرده فقلت له إن اعترفت الرابعة رجمك قال فأعترف الرابعة فحبسه، الحديث، وبغير ذلك من الروايات.

<<  <  ج: ص:  >  >>