للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مقدار الملاقي في تأثيره ذلك فتفرقت فيه الأقوال (١) أوسعها (٢) مذهب مالك رحمهم الله ودليله الحديث الوارد في الباب وقد ورد في بعض طرقه زيادة قوله ما لم يتغير فلذلك قيد طهارته بعدم تغير شيء من أحد الأوصاف الثلاثة فاعتبر غلبة الملاقي بحسب الوصف فإن غلب الماء وصفًا ولم يظهر فيه شيء من أوصاف النجس كان طاهرًا وإن غلب النجس بحسب الوصف وظهر شيء من أوصافه في الماء كان نجسًا، وثانيها ما روى (٣) عن عائشة رضي الله عنها من أن العبرة لغلبة الماء أو النجس بحسب الذات فإن زالت رقة الماء وسيلانه لغلبة النجاسة كان الماء نجسًا وإلا لا، فإن ثبت هذا العزو لعائشة رضي الله تعالى عنها لكان كافيًا ومغنيًا عن تفتيش غيره من المذاهب لما فيه من الوسعة ولما كانت (٤) من التمكن على المراجعة والبحث في كل ما تشاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم ما لا يستمكنه غيره ولما لها من غزارة العلم وجودة القريحة وإصابة الفهم وقدم في التفقه راسخة وأعلام في التحقيق شامخة فكيف يتوهم أن مسألة طهارة الماء ونجاسته يخفى عليها مع طول ملابستها بالنبي صلى الله عليه وسلم وقلة المياه عندهم الداعية إلى كثرة البحث عنه والعلم بحاله إلا أن رواية هذا المذهب الذي أشرنا إليه لما لم يثبت بإسناد صحيح يعول إليه ولا طريق جيد يطمئن إليه لزمنا القول بتركه والمصير إلى غيره من المذاهب ولذا لم يذهب إليه أحد من الأئمة


(١) ذكر فيها صاحب السعاية خمسة عشر مذاهب للعلماء وبسط الكلام على المياه أشد البسط.
(٢) أي أوسع المذاهب في مذاهب الأئمة وإلا فما روى عن عائشة -رضي الله تعالى عنه- وسيأتي قريبًا أوسع من ذلك أيضًا.
(٣) وروى عن غيرها من الصحابة والتابعين وداؤد الظاهري كما في السعاية عن البناية عن المحلي لابن حزم.
(٤) إلا أن احتمال أنها سمعت قوله صلى الله عليه وسلم الماء طهور لا ينجسه شيء فحملته على عمومه ليس بمنتف.

<<  <  ج: ص:  >  >>