للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأعلام ولو أنه ثبت لكان قولها هو القول الثابت الراجح ومذهبها هو المذهب المقبول للكل من غير قادح.

والثالث مذهب الشافعي رحمه الله تعالى من كون الماء إذا بلغ قلتين لم يحمل خبثًا إلا أن يتغير شيء من أوصافه الثلاثة فإنه يفسده كائنًا ما كان، وقد أخذ في ما اختاره بحديث جيد الإسناد قابل للاعتماد وزاد هذا القيد اعتبارًا لما في غير هذه الرواية من العبرة بالنجاسة إذا ظهر أثرها في الماء أيضًا فإن الأئمة مجمعون على عبرة النجاسة إذا غلبت وهذا الثالث هو الذي تخيره الأئمة الآخرون مثل أحمد (١) وإسحاق وغيرهما لموافقته ظاهر قول النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان الماء قلتين لم يحمل خبثًا وأما الإمام الهمام قدوة الأئمة الأعلام فقد ذهب نظرًا إلى اختلاف الروايات في ذلك إلى أن الأمر موكول إلى رأي (٢) من ابتلى به فإن ظنه نجسًا كان نجسًا وإن طاهرًا فطاهرًا، وعلى هذا لا يضره شيء مما ورد في هذا الباب مما أخذ به الأئمة الثلاثة أو أخذ به مالك رضي الله تعالى عنه، فأما الرواية التي أخذ بها مالك رضي


(١) أي في المشهور عنه وإلا فعنه في مسألة الماء روايتان آخرهما كقول مالك قال ابن قدامة في ((المغنى)): أما ما دون القلتين إذ لاقته النجاسة فلم يتغير بها فالمشهور في المذهب أنه نجس، وبه قال الشافعي وإسحق وأبو عبيد وروى عن أحمد رواية أخرى أن الماء لا ينجس إلا بالتغير قليله وكثيره روى ذلك عن ابن المسيب والحسن ومالك والأوزاعي والثوري وغيرهم وهو قول الشافعي.
(٢) ففي الدر المختار: والمعتبر في مقدار الراكد أكبر رأي المبتلي به فيه فإن غلب على ظنه عدم وصول النجاسة إلى الجانب الآخر جاز وإلا لا، هذا ظاهر الرواية عن الإمام وإليه رجع محمد وهو الأصح كما في الغاية وغيرها وحقق في البحر أنه المذهب وبه يعمل، انتهى، وأكثر ابن نجيم في النقول عن المشايخ في أن العبرة عندنا الحنفية لرأي المبتلى به.

<<  <  ج: ص:  >  >>