للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله تعالى عنه من قوله صلى الله عليه وسلم الماء طهور لا ينجسه شيء فلأن السؤال (١) عن بئر بضاعة قد أخرجه مخرج الجواب فإنهم لما ظنوا أن البئر إذا تنجس مرة فإنه لا يمكن تطهيره أبدًا لملاقاة الماء النجس جدرانه عند الإخراج مع أن البئر كيفما أخرج ماؤها فإنه لا يخلو عن بقية من الماء النجس فيها فكان مظنة أن لا يتطهر فسألوا عنه، ولا يمكن أن يكون السؤال عن الماء النجس القليل حين لم تخرج النجاسة عنه إذ من الظاهر أن الماء القليل الذي وقع فيه شيء من النجاسات لا يسأل عنه عام فضلاً عن الصحابة رضي الله تعالى عنهم أجمعين، وكذلك لا يشربه مؤمن فكيف بهذا النبي الأطهر الأكرم، فعلم أن منشأ السؤال أن النجاسة إذا أخرجت واستقى الماء الذي كان فيها وقت الوقوع فالماء الجديد المجتمع فيها ينبغي أن يكون نجسًا لملاقاته الجدران النجسة وعلالة الماء النجس فأجابهم النبي صلى الله عليه وسلم بأن الماء طهور بتعريف العهد إذ الجواب على وفق السؤال، والأصل في اللام العهد الخارجي فما أمكن حملها عليه لم تحمل على غيره وممن صرح بكون الأصل في اللام هو العهد العلامة في التلويح والشريف الجرجاني في بعض تصانيفه فإذا كان الأمر كما وصفنا كان المعنى أن الماء (٢) الذي سألتم عنه لا ينجسه شيء مما ذكرتم إذا أخرجت النجاسة والماء الذي كان ملاقيها فهذا الذي أخذ به مالك يؤيد ما ذكرنا من إدارة الأمر على رأي المبتلي به فإنه صلى الله عليه وسلم لما ظن برأيه الشريف أن الماء لا يتنجس بذلك المذكور كان طاهرًا لا يتنجس، وأما رأي الصحابة رضوان الله عليهم فلم يعتد به على خلاف رأيه حتى يقال إنها كانت نجسة في حقهم وإنما لم يتنجس الماء فيها لجريانه (٣) في البساتين


(١) ومال إلى ذلك الطحاوي وبسط هذا التوجيه.
(٢) وما قيل إن العبرة لعموم اللفظ، هذا إذا كانت الألف واللام للجنس إما إذا كانت للعهد فلا، كذا في النيابة وغيرها من شروح الهداية، كذا في السعاية.
(٣) وبه جزم صاحب الهداية إذ قال إن الحديث ورد في بئر بضاعة وكان ماؤها جاريًا في البساتين.

<<  <  ج: ص:  >  >>