للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقعت فيه نجاسة ثم استقى منها البستان تبقى فيها النجاسة ولا تخرج ولا يخرج كل ماءها فأما إذا أخرجا كلاهما فأمر طهارتها ظاهر على مذهب الإمام، بقى الجواب عما تمسك به الشافعي رحمه الله من حديث القلتين (١) فنقول إنه لا يضر مذهب الإمام شيئًا فإن مذهبه رضي الله تعالى عنه أن الماء إذا كان أقل من قلتين ولم يقتض رأي المبتلي بتنجسه بوقوع شيء من النجاسات فيه لم يحكم بنجاسته فضلاً عما إذا كان الماء قلتين كيف وقد جربه الأستاذ العلامة حين قراءتنا تلك الروايات فكان قلتا الماء قدر غدير عظيم لا يتحرك أحد طرفيه بتحريك الطرف الآخر وكان نحوًا من ستة أشبار في مثلها ولله الحمد، وعلى هذا يرتفع الخلاف من البين ويكون مذهبنا كمذهب الشافعي رحمه الله تعالى من غيري مين (٢) ويؤل الأمر إلى ما ذكرنا أولاً


(١) قال ابن القيم في تهذيبه: الاحتجاج بحديث القلتين مبني على ثبوت عدة مقامات: الأول صحة سنده، الثاني ثبوت وصله وأن إرساله غير قادح. الثالث ثبوت رفعه وإن وقف من وقفه ليس بعلة، الرابع أن الاضطراب الذي وقع في سنده لا يوهنه، الخامس أن القلتين مقدرتان بقلال هجر، السادس أن قلال هجر متساوية المقدار ليس فيها كبار وصغار. السابع أن القلة مقدرة بقربتين حجازيتين وإن قرب الحجاز لا يتفاوت، الثامن أن المفهوم حجة، التاسع أنه مقدم على العموم، العاشر أنه مقدم على القياس الجلي، الحادي عشر أن المفهوم عام في سائر صور المسكوت، الثاني عشر أن ذكر العدد خرج مخرج التحديد والتقييد، الثالث عشر الجواب عن المعارض ومن جعلهما خمس مائة رطل احتاج إلى مقام رابع عشر وهو أنه يجعل الشيء نصفًا احتياطًا، ومقام خامس عشر أن ما وجب به الاحتياط صار فرضًا، انتهى ثم ذكر الأجوبة عن المحددين بالقلتين وردها أبسط الرد فأرجع إليه لو شئت.
(٢) المين الكذب كما في القاموس وغيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>