للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صغارهم (١)، قوله [فبعث معي بفخذها أو بوركها] ولعله بعث (٢) بهما لكنه ذكر في بعضها وركا وفي بعضها فخذا وإنما زاد لفظ معي، لئلا يظن قضية قبول النبي صلى الله عليه وسلم إياه أو أكله إنما هي مسموعة له من غيره ولم يحضرها ثم قول (٣) أنس رضي الله عنه ((فأكله)) يشير إلى جواز التغير الكثير في رواية الحديث بالمعنى فإن الأكل لما كان لازم القبول وضعه موضعه إذ لا يكون القبول في أمثال هذه إلا للأكل ولذلك لم يقبل النبي صلى الله عليه وسلم حمار وجش أهدى إليه وهو محرم لما لم يجز له أكله ثم لما صرح بأكل النبي صلى الله عليه وسلم، وكان الظاهر منه معناه الحقيقي سألت عنه هل هو في معنى الأكل نفسه، قال لا، إنما أردت منه لازم معناه وإنما هو القبول ومن ههنا يعلم أن أمثال هذه التصرفات تكثر في الروايات ولا يلزم في ذلك ضرر إذا لم يتغير المعنى المراد.

قوله [وقد كره بعض (٤) أهل العلم أكل الأرنب] ووجه قولهم بما ورد في بعض الروايات (٥) أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأكله ولم يمنع عن أكله، قلنا هذا


(١) ففي مسلم فسعيت حتى أدركتها ولأبي داؤد وكنت غلامًا حزورًا، وهو المراهق، هكذا في الفتح.
(٢) ويدل عليه رواية مسلم بلفظ فبعث بوركها وفخذيها، وهكذا في المنتقي ولفظ النسائي فبعثني بفخذيها ووركيها.
(٣) كما يدل عليه قوله قبله بعد قوله أكله ثم الظاهر من ملاحظة الروايات أن التغير والتصرف في هذا اللفظ من شعبة، فتأمل.
(٤) قال العيني: إباحة أكل الأرنب هو قول الأئمة الأربعة وكافة العلماء إلا ما حكى عن عبد الله بن عمرو بن العاص وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وعكرمة مولى ابن عباس أنهم كرهوا أكلها وهو رواية عن أصحابنا والأصح قول العامة، انتهى.
(٥) فقد ورد من حديث عبد الله بن عمرو عند أبي داؤد بلفظ فلم يأكلها ولم ينه عن أكلها ومن حديث خزيمة بن جزء عند ابن ماجة بلفظ لا آكلة ولا أحرمه ومن حديث عبد الله بن معقل عند الطبراني لا آكلها ولا أحرمها، كذا في العيني.

<<  <  ج: ص:  >  >>