للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


وقد جاءت السنة متواترة أن النبي صلى الله عليه وسلم حرم الخمر وعليه انعقد الإجماع، ثم هو غير معلول عندنا حتى لا يتعدى حكمه إلى سائر المسكرات، والشافعي يعديه إليها. والرابع أنها نجاسة غليظة كالبول لثبوتها بالدلائل القطعية. والخامس أنه يكفر مستحلها. والسادس سقوط تقومها في حق المسلم حتى لا يضمن متلفها وغاصبها ولا يجوز بيعها، واختلفوا في سقوط ماليتها والأصح أنه مال. والسابع حرمة الانتفاع بها لأن الانتفاع بالنجس حرام. والثامن أن يحد شاريها وإن لم يسكر منها لقوله صلى الله عليه وسلم: «من شرب الخمر فاجلدوه فإن عاد فاجلدوه فإن عاد فاجلدوه فإن عاد فاقتلوه» إلا أن حكم القتل قد انتسخ فبقى الجلد مشروعًا وعليه انعقد إجماع الصحابة. والتاسع أن الطبخ لا يؤثر فيها لأنه للمنع من ثبوت الحرمة لا لرفعها بعد ثبوتها إلا أنه لا يحد فيه ما لم يسكر على ما قالوا لأن الحد بالقليل في النئى خاصة وهذا قد طبخ. والعاشر جواز تخليلها وفيه خلاف الشافعي، هذا هو الكلام في الخمر، وأما العصير إذا طبخ حتى يذهب أقل من ثلثية وهو المطبوخ أدنى طبخة ويسمى الباذق والمنصف هو ما ذهب نصفه بالطبخ فكل ذلك حرام عندنا إذا اشتد وقذف بالزبد، أو إذا اشتد على الاختلاف، وقال الأوزاعي إنه مباح. وأما نقيع التمر وهو السكر وهو النئى من ماء التمر أي الرطب فهو حرام مكروه، وقال شريك بن عبد الله: إنه مباح، ولنا إجماع الصحابة عليه. وأما نقيع الزبيب وهو النئى من ماء الزبيب فهو حرام إذا اشتد وغلى وفيه خلاف الأوزاعي إلا أن حرمة هذه الأشربة دون حرمة الخمر حتى لا يكفر مستحلها ويكفر مستحل الخمر، لأن حرمتها اجتهادية وحرمة الخمر قطعية، ولا يجب الحد بشر بها حتى يسكر ويجب بشرب قطرة من الخمر، ونجاستها خفيفة في رواية وغليظة في أخرى ونجاسة الخمر غليظة رواية واحدة، إلى آخر ما بسطه صاحب الهداية وشراحها.

<<  <  ج: ص:  >  >>