للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم النهي عن الانتباذ في هذه الظروف دون الأسقية لما فيها من خفاء حال المظروف لعدم إمكان انتفاخها عند الاشتداد، ولما فيها من تسارع الاشتداد إليه لعدم نفوذ الهواء، وأما الأسقية فيعلم حال ما فيها إذا اشتد وغلا، وهذا إذا أوكيت أفواهها فإنها بانتفاخها يعلم اشتداد ما فيها، وأما إذا لم يوك فالكل سواء.

قوله [الخمر من هاتين] ولا يعني به الحصر (١).

قوله [نهى أن ينتبذ البسر والرطب] هذا النهي كالنهي عن الانبتاذ في الظروف المتقدم ذكرها، كان (٢) في أول الأمر لما فيه بعد الخلط من قوة فيسرع


(١) قال النووي: ليس فيه نفي الخمرية عن نبيذ الذرة والعسل وغير ذلك، فقد ثبت في تلك الألفاظ أحاديث صحيحة بأنها كلها خمر وحرام، انتهى، وقال أيضًا واتفق أصحابنا على تسمية جميع هذه الأنبذة خمرًا لكن قال أكثرهم: هو مجاز وإنما حقيقة الخمر عصير العنب، وقال جماعة منهم هو حقيقة، انتهى. قلت: فقول الحنفية موافق لقول أكثرهم، وما أفاده الشيخ من عدم الحصر هو المشهور بين أهل العلم من شراح الحديث وأصحاب الفروع، ومال صاحب نتائج الأفكار إلى الحصر فقال بعد البحث: والحق أن المراد بالحكم الذي أريد بيانه بالحديث هو حرمة قليله وكثيره، وهذا المعنى لا يتحقق في المتخذ من غير تينك الشجرتين، فيصح الحصر المستفاد من ذلك الحديث بلا غبار.
(٢) ففي الهداية: لا بأس بالخليطين لما روى عن ابن زياد أنه قال سقاني ابن عمر رضي الله عنه شربة ما كدت اهتدي إلى أهلي فغدوت إليه من الغد فأخبرته بذلك، فقال: ما زدناك على عجوة وزبيب، وهذا من الخليطين وكان مطبوخًا، لأن المروي عنه حرمة نقيع الزبيب وهو النيء منه، وما روى أنه عليه السلام نهى عن الجمع بين التمر والزبيب الحديث محمول على حالة الشدة، وكان ذلك في الابتداء يعني حمله على حالة الشدة والعسرة في ابتداء الإسلام لئلا يشبع هو بنوعين وجاره جائع.

<<  <  ج: ص:  >  >>