(٢) قال ابن بطال: النهي عن الأوعية إنما كان قطعًا للذريعة فلما قالوا لا نجد بدًا من الانتباذ في الأوعية، قال: انتبذوا وكل مسكر حرام، وهكذا الحكم في كل شيء نهى عنه بمعنى النظر إلى غيره، فإنه يسقط للضرورة كالنهي عن الجلوس في الطرقات، فلما قالوا: لا بد لنا منها، قال: فأعطوا الطريق حقها، قال الخطابي: ذهب الجمهور إلى أن النهي إنما كان أولاً ثم نسخ، وذهب جماعة إلى أن النهي عن الانتباذ في هذه الأوعية باق، منهم ابن عمر وابن عباس، وبه قال مالك وأحمد وإسحاق، قال: والأول أصح، والمعنى في النهي أن العهد بإباحة الخمر كان قريبًا فلما اشتهر التحريم أبيح لهم الانتباذ في كل وعاء بشرط ترك شرب المسكر، وكأن من ذهب إلى استمرار النهي لم يبلغه الناسخ، هكذا في الفتح. (٣) فقد أخرجه مسلم بلفظ ((وعن النقير وهي النخلة تنسخ نسخًا وتنقر نقرًا)) قال النووي: هكذا في معظم الروايات والنسخ بسين وحاء مهملتين أي تقشر ثم تنقر فتصير نقيرًا، ووقع لبعض الرواة في بعض النسخ تنسج بالجيم قال القاضي وغيره: هو تصحيف، وادعى بعض المتأخرين أنه وقع في نسخ صحيح مسلم وفي الترمذي بالجيم وليس كما قال، بل معظم نسخ مسلم بالحاء، انتهى، وفي المجمع: قيل الصواب بحاء مهملة بمعنى أن ينحي عنها قشرها، وقيل: النسج ما بحات عن التمر من قشره وأقماعه مما يبقى في أسفل الوعاء، انتهى، قلت: وتفسير الشيخ محمول على حمل النسج على معناه المشهور من نسج الثوب يعني أراد بالنسج الصنع مجازًا فإن في صنع الشيء أيضًا يتوالى الحركات من الفوق والتحت كما تكون في نسج الثوب. قال المجد: نسج الريح الربع أن يتعاوره ريحان طولاً وعرضًا، انتهى.