للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الحلف بالقرآن فليس من هذا الباب؛ لأن القرآن من كلام الله، وكلامه -جل وعلا- صفة من صفاته، واليمين الشرعية هي: اليمين بالله أو باسم من أسمائه أو صفة من صفاته، قال -صلى الله عليه وسلم-: «من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت (١) » أخرجه البخاري عن ابن عمر. وأما الرهان على هذه المسألة فهو مغالبة، يراد بها مصلحة دينية، وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: (المغالبة الجائزة تحل بالعوض إذا كانت مما ينتفع به في الدين، كما في مراهنة أبي بكر -رضي الله عنه- وهو أحد الوجهين في المذهب) . وقال البعلي بعد سياقه لكلام شيخ الإسلام في الاختيارات قال: (قلت: وظاهر ذلك جواز الرهان في العلم وفاقا للحنفية؛ لقيام الدين بالجهاد والعلم) . انتهى. وأما مراهنة أبي بكر فقد ثبتت في (المسند) والترمذي وغيرهما: «أنه لما اقتتلت فارس والروم، فغلبت فارس الروم، وبلغ ذلك أهل مكة، وكان ذلك في أول الإسلام، ففرح بذلك المشركون؛ لأن المجوس أقرب إليهم من أهل الكتاب، وساء ذلك المسلمين؛ لأن أهل الكتاب أقرب إليهم من المجوس، فأخبر أبو بكر -رضي الله عنه- بذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فأنزل الله -تعالى-:


(١) صحيح البخاري الشهادات (٢٦٧٩) ، صحيح مسلم الأيمان (١٦٤٦) ، سنن الترمذي النذور والأيمان (١٥٣٤) ، سنن أبو داود الأيمان والنذور (٣٢٤٩) ، موطأ مالك النذور والأيمان (١٠٣٧) ، سنن الدارمي النذور والأيمان (٢٣٤١) .
(٢) أحمد ٢٧٦ / ١، ٤ / ٣٠، والبخاري في (خلق أفعال العباد) ص / ٣١ برقم (٩٠) ، وفي (التاريخ الكبير) ٢ / ٣٢٢ برقم (٢٦٢٠) ، والترمذي ٣٤٣ / ٥- ٣٤٥ برقم (٩٣ / ٣١، ٣١٩٤) ، والنسائي في (الكبرى) ٤٢٦ / ٦ برقم (١١٣٨٩) ، وابن جرير الطبري في التفسير ٦٨ / ٢٠- ٧٠، الطبعة (المكملة لتحقيق شاكر) ، والطبراني ٢٣ / ١٢- ٢٤ برقم (١٢٣٧٧) ، والحاكم ٢ / ٤١٠، وأبو نعيم في (تاريخ أصبهان) ٢ / ٣٢٤، والطحاوي في (مشكل الآثار) ٤٣٨ / ٧- ٤٤٤ برقم (٢٩٨٧- ١ / ٢٩٩) ، والبيهقي في (دلائل النبوة) ٢ / ٣٣٠- ٣٣٤.
(٣) سورة الروم الآية ١ (٢) {الم}
(٤) سورة الروم الآية ٢ (٣) {غُلِبَتِ الرُّومُ}

<<  <  ج: ص:  >  >>