تفسير التوفي بالإماتة؛ لأنه من رواية ابن إسحاق عمن لا يتهم عن وهب، ففيه عنعنة ابن إسحاق وهو مدلس، وفيه مجهول، ثم هذا التفسير لا يزيد عن كونه احتمالا في معنى التوفي، فإنه قد فسر بأن الله قد قبضه من الأرض بدنا وروحا ورفعه إليه حيا، وفسر بأنه أنامه ثم رفعه، وبأنه يميته بعد رفعه ونزوله آخر الزمان، إذ الواو لا تقتضي الترتيب، وإنما تقتضي جمع الأمرين له فقط، وإذا اختلفت الأقوال في معنى الآية وجب المصير إلى القول الذي يوافق ظواهر الأدلة الأخرى جمعا بين الأدلة، وردا للمتشابه منها إلى المحكم، كما هو شأن الراسخين في العلم دون أهل الزيغ الذين يتبعون ما تشابه من التنزيل ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله، وكذلك القول في اختلافهم في تفسير قوله تعالى:{وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ}(١) فيجب المصير فيه إلى معنى يتفق مع سياق الكلام وما ثبت من أحاديث نزول عيسى آخر الزمان وإيمان أهل الكتاب جميعا وغيرهم به؛ جمعا بين الأدلة، ومحافظة على مقصد المتكلم من كلامه، فمن نظر إلى هذه الآية مجردة عما قبلها وعن القصد الذي سيقت له وعن الأدلة الأخرى التي وردت في موضوعها وتأولها على معنى لا أحد من أهل الكتاب إلا ليؤمن بالله أو بعيسى قبل موته، أي الكتابي - فقد خالف ظاهر الآية وسياق الكلام وما ثبت من الأدلة الأخرى في شأن عيسى، وكان بذلك ممن اتبع ما تشابه من المنزل ولم يرده إلى المحكم منه،