للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله، فحق عليه وعيد من في قلوبهم زيغ، قال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} (١) ثم إن من يقول بإماتة الله لعيسى حين كاد له اليهود إما أن يعترف بنزول عيسى عليه السلام آخر الزمان عملا بما ورد من الأحاديث الصحيحة في ذلك وإما أن ينكر نزوله، فإن اعترف به لزمه أن يثبت لعيسى موتا ثم حياة في الدنيا ثم موتا عند الكيد والرفع ثم حياة ثم موتا بعد النزول ثم حياة عند البعث، وهذا مخالف بلا دليل لقوله تعالى: {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} (٢) ولقوله تعالى: {قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ} (٣) وإن أنكر نزوله بعد رفعه كان رادا للأحاديث الصحيحة المتلقاة بالقبول عند علماء المسلمين الشاهدة شهادة صريحة بنزوله ودعوته إلى الحق وحكمه به وقتله الخنزير وكسره الصليب ... إلخ ما ثبت من أحواله بعد نزوله، وكلا الأمرين لا مخلص منه إلا بالقول بما قال به أهل


(١) سورة آل عمران الآية ٧
(٢) سورة البقرة الآية ٢٨
(٣) سورة غافر الآية ١١

<<  <  ج: ص:  >  >>