للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في عظيم قدرة الله تعالى وعجائب سننه الكونية أن ينعم المؤمنين في قبورهم ويعذب الكافرين فيها، فإن من أمعن النظر في الكون وضح له عموم مشيئة الله ونفاذها وشمول قدرته تعالى وكمالها وإحكام خلقه ودقة تدبيره وإبداعه لما صوره، وسهل عليه اعتقاد ما وردت به النصوص الصحيحة في سؤال المقبورين ونعيمهم أو عذابهم، وقد ثبت فيها أن الله تعالى يعيد الروح إلى من مات بعد دفنه إعادة تجعله حيا حياة برزخية وسطا بين حياته في دنياه وحياته بعد أن يبعثه الله يوم القيامة، وهذه الحياة الوسط بين الحياتين تؤهله لسماع السؤال والإجابة عنه إذا وفق، وتجعله يحس بالنعيم أو العذاب، وقد تقدمت الأحاديث في ذلك، ولله في تدبيره وخلقه شؤون لا تحيط بها العقول لقصورها، ولا تحيلها بل تحكم بإمكانها وإن كانت تحار في تعليلها وتعجز عن الوقوف على كنهها وحقيقتها وعن معرفة مداها وغاياتها، فعلى الإنسان إذا عجز عن شيء وخفي عليه أمره أن يتهم نفسه بالقصور ولا يتهم ربه في علمه وحكمته وقدرته وما ذكر في السؤال من الآيات لا يتنافى مع سؤال الميت في القبر ونعيمه أو عذابه، أما قوله تعالى: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ} (١) {ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً} (٢) {فَادْخُلِي فِي عِبَادِي} (٣) {وَادْخُلِي جَنَّتِي} (٤) فإنه


(١) سورة الفجر الآية ٢٧
(٢) سورة الفجر الآية ٢٨
(٣) سورة الفجر الآية ٢٩
(٤) سورة الفجر الآية ٣٠

<<  <  ج: ص:  >  >>