ويؤيد ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثما، فلو كان الإحرام بالعمرة مفردة من الحرم مأذونا فيه لاختاره لعائشة؛ لكونه أيسر وأقل التزاما وكلفة بالنسبة له ولعائشة وأخيها، ولم يأمرها بالخروج إلى الحل أو التنعيم؛ لتحرم منه، بل كان يكفيها أن تذهب معه صلى الله عليه وسلم حينما يأتي البيت ليطوف طواف الوداع، وهي محرمة بالعمرة من الأبطح، فتطوف وتسعى العمرة وقت طوافه صلى الله عليه وسلم طواف الوداع، وفي ذلك الكفاية لتحقيق رغبة عائشة وتطييب خاطرها، فإنها إنما قصدت أن تعتمر عمرة مفردة دون الخروج إلى الحل، أو مكان معين منه، لكنه صلى الله عليه وسلم أمرها بالخروج إلى التنعيم فاحتاجت إلى محرم فأرسل معها أخاها عبد الرحمن، وكان ذلك ليلا حيث يحتاج الناس إلى الراحة، واضطر النبي صلى الله عليه وسلم أن يحدد معها مكانا للقاء بعد الفراق، فعدوله عن الإحرام من الحرم وهو أيسر للجميع إلى الإحرام من الحل مع ما فيه من المشقة والكلفة التي لا توجد في الأمر الأول دليل على أن الإحرام بالعمرة من الحل دون الحرم مقصود إليه مأمور به شرعا لمن أراد أن يعتمر عمرة مفردة وهو بالحرم.
ويرى بعض العلماء أن العمرة وإن كانت سنة أو واجبة على كل مسلم مكلف مستطيع ينبغي لمن أراد وهو بالحرم أن