فيقتصر فيه على ما ورد.. ولا يقاس عليه غيره مما هو داخل في عموم الأصل؛ لأن بقاءه في الأصل أقوى من خروجه عنه بالقياس على خوارق العادات، علما بأن القياس على المستثنيات من الأصول ممنوع خاصة إذا لم تعلم العلة، والعلة في هذه المسألة غير معروفة؛ لأنها من الأمور الغيبية التي لا تعلم إلا بالتوقيف من الشرع، ولم يثبت فيها توقيف فيما نعلم، فوجب الوقوف بها مع الأصل.
ثانيا: الأمة مأمورة بحفظ القرآن كتابة وتلاوة، وبقراءته على الكيفية التي علمهم إياها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد كانت لغة الصحابة رضي الله عنهم عربية سليمة؛ لقلة الأعاجم بينهم، وعنايتهم بتلاوته - كما أنزل - عظيمة، واستمر ذلك في عهد الخلفاء الراشدين فلم يخش عليهم اللحن في قراءة القرآن ولم يشق عليهم قراءته من المصحف بلا نقط ولا شكل، فلما كانت خلافة عبد الملك بن مروان وكثر المسلمون من الأعاجم واختلطوا بالمسلمين من العرب خشي عليهم اللحن في التلاوة وشق عليهم القراءة من المصحف بلا نقط ولا شكل، فأمر عبد الملك بن مروان بنقط المصحف وشكله، وقام بذلك الحسن البصري، ويحيى بن يعمر رحمهما الله، وهما من أتقى التابعين وأعلمهم وأوثقهم؛ محافظة على القرآن، وصيانة له من أن يناله