عامي أو صبي الهجاء حتى يتفرع علوم جمة، كغرس شجرة يتفرع عليه أغصان وأثمار، ومما يدل على فضل التعليم والتعلم حديث فضل عالم يصلي المكتوبة ثم يجلس. الحديث، وغير ذلك من الروايات، قال: ثم رأيت كثيرًا من الجهاد المتصوفة يدعون سلوك الطريق إلى الله، وهم ليسوا عليها، وينكرون التعلم والتعليم ويمنعون أصحابهم عنهما، كأنهم أعداء العلم والعلماء، ولا يعلمون أنه يضر بإيمانهم، ويحتجون بكون النبي صلى الله عليه وسلم أميًا ولا يعرفون أنه صاحب وحي ومعدن علم، وربما يحصل الجاهل بشغل ذكر أو اسم بعض صفاء، فيغتر ولا يدري أن له آفات بغير علم كالحلول والاتحاد، وربما يحتج بعض الجهال بقول المشايخ: العلم حجاب الله الأكبر، ولا يدري أنه حجة عليه فإن مثله بترك العلم بهذا كمثل من عشق شخصًا فأخبر بأنه وراء جدار فيقول: الجدار حجاب فيتركه، فانظر هل أحد أحمق منه، وكان يجب عليه أن يقطع الجدار، ويصل إلى المحبوب، وإنما وصفوه بالحجاب الأكبر لأنه يحتاج في قطعه إلى مشقة شديدة، كما قال أبو يزيد: عملت في المجاهدة ثلاثين سنة، فما وجدت أشد من العلم ومتابعته، ولولا اختلاف العلماء لتعبت، وأيضًا إنما يكون حجابًا لمن طلبه للتفاخر وحطام الدنيا، وأيضًا مثل من ترك العلم كشخص يدعي محبة أحد فأرسل المحبوب إليه كتابًا يتضمن طريق وصوله إليه، وهو يطرح الكتاب ويظن أنه حجاب، فلا شك أنه ينسب إلى الحق، فالقرآن والحديث وعلوم الدين تعرف طريق الوصول إلى الله. ثم اعلم أن العلم ظاهر وباطن، وللظاهر مقدمات كالفنون العربية، ومقاصد كالتفسير والفقه والحديث، والباطن علم الأخلاق كالإخلاص والتوكل والتواضع وغيرها، وضدها كالكبر ونحوها، وكل منها إما فرض عين أو فرض كفاية، ويطلب كل ذلك من مظانه، وبالله التوفيق، انتهى.