للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان كلما سلم سلم ثلاثًا، وكلما تكلم تكلم ثلاثًا، فإن هذا المعنى يرده كثير من الروايات والحكايات، بل المراد أن الثلاث كانت منتهى تكراره إذا أراد ذلك في الأكثر، فكان إذا سلم ولم يسمع أحد أو أراد أن يتكلم فيفهم ولم يسمعه المخاطب أعادها، وكانت الإعادة لا تجاوز الثلاث، وهذا المعنى خال عن التكلفات، نعم قد ثبت في بعض المواضع تكرار الإعادة فوق ثلاث لكنه نادر فلا يحكم عليه، ويمكن في توجيه تكرار التسليم ما قال المحشى أيضًا (١).


(١) ولفظه: أي للاستيذان، وفيه نظر لأن تسليم الاستيذان لا يثنى إذا حصل الإذن بالأولى، ولا يثلث إذا حصل بالثاني، ولفظ إذا يقتضي التكرار فالوجه أن الأول للاستيذان، والثاني للتحية، والثالث للوداع، والمراد بالكلمة الجملة المفهومة المفيدة، كذا في المجمع. قلت: وزاد في المجمع عن الكرماني: كان ذلك أي التثليث في أكثر أمره، انتهى. فهذا توجيه ثالث، ويؤيد ما أفاده الشيخ لفظ الترمذي في شمائله برواية أنس: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعيد الكلمة ثلاثًا لتعقل عنه. قال القاري: المراد ها هنا ما لا يتبين مبناها أو معناها إلا بالإعادة، وفي الاقتصار على الثلاث إشعار بأن مراتب الفهم ثلاث: الأدنى والأوسط والأعلى. وقال المناوي: الأولى للأسماع، والثانية للفهم، والثالثة للفكر، أو الأولى إسماع، الثانية تنبيه، والثالثة أمر، والثلاثة غاية، وبعده لا مراجعة، وحمله على ما إذا عرض للسامعين نحو لفظ فاختلط عليهم، فيعيده لهم ليفهموه، أو على ما إذا كثر المخاطبون، فيلتفت مرة يمينًا وأخرى شمالاً ليسمع الكل رده العصام بأنه تخصيص لابد له من مخصص، لكن نازعه الشارح بأنه لا يحتاج إلى توقيف، وقوله: لتعقل للإعادة بقصد حصول المعنى للمخاطب تنبيهًا على أن الإعادة كانت في مقام الحاجة، انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>