للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصحيحة أيضًا ويبطل موجب الكتاب الذي هو مسح الرأس لا ما يستره، فأما أن يجاب عنه بأن كان زائدًا على أصل الفرض فكان قد مسح عمامته بعد مسح مقدار الفرض من رأسه فلا يخفى أن المسح على العمامة إن كان اتفاقًا بأن يكون قصده صلى الله عليه وسلم تسوية العمامة فظنه الراوي مسحًا فلا بعد فيه وإن كان المعنى أنه صلى الله عليه وسلم مسح عليها قصدًا فهو غير معقول المعنى لكونه إكمالاً في غير محله هذا ما هنا وقد وجهه (١) الأستاذ أدام الله علوه ومجده وأفاض على العالمين بره ورفده بما ذكرناه في تعليقات أبي داؤد (٢) فانتظره فإنه أدق وألطف وإن أجاب أحد عن أصل الأشكال


(١) ولا يتوهم منه تقدم درس أبي داؤد عل الترمذي فإنه قدس سره نبه بذلك عند التبيض بعد ختم الكتب كلها.
(٢) قلت: ذكر حضرة الشيخ في تقرير أبي داؤد عدة توجيهات لم تذكر ههنا والذي أشار إليها بقوله أدق وألطف ما ذكره بقوله أو المراد المسح على الناصية ومقدار الفرض من الرأس وإتمام باقي المسح على العمائم فإن الله تبارك وتعالى وضع في الطاعات والعبادات وشروطها وأركانها آثارًا وبركات لها عند الله مقادير فبإتيان ما ناب مناسب بعضها وإن لم يحصل كل ما كان يترتب على الأصل كملاً ولكنه لا ينكر حصول شيء منها ولذلك نظار وأمثال لا تخفى بعد التأمل أما في الشرعيات فاستلام الحجر الأسود فإنه عند تعذره ينوب عند لمس العصا بل الإشارة، وأما في الحسيات فالضرب على الجسم اللابس أثوابًا فإنه وإن لم يفد مفاد الضرب على الجسم العاري عن الملابس إلا أنه لا شك أنه لا يخلو عن إيلام فلما كان كذلك أمكن أن يصير المسح على العمامة بدلاً من إتمام مسح الرأس وعائدًا على الماسح ببعض ما وضع الله تبارك وتعالى فيه فلا يمكن أن يقال لما لم تكن محل فرض كان المسح على العمامة لغوًا كيف وقد تأيد ذلك بفعله صلى الله عليه وسلم وأمره إياهم غاية الأمر أن الاكتفاء بالمسح على العمامة لما كان مخالفًا للآية والمشهور من الرواية قلنا بوجوب مسح الناصية مع المسح على العمامة، انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>