(٢) قلت: ذكر حضرة الشيخ في تقرير أبي داؤد عدة توجيهات لم تذكر ههنا والذي أشار إليها بقوله أدق وألطف ما ذكره بقوله أو المراد المسح على الناصية ومقدار الفرض من الرأس وإتمام باقي المسح على العمائم فإن الله تبارك وتعالى وضع في الطاعات والعبادات وشروطها وأركانها آثارًا وبركات لها عند الله مقادير فبإتيان ما ناب مناسب بعضها وإن لم يحصل كل ما كان يترتب على الأصل كملاً ولكنه لا ينكر حصول شيء منها ولذلك نظار وأمثال لا تخفى بعد التأمل أما في الشرعيات فاستلام الحجر الأسود فإنه عند تعذره ينوب عند لمس العصا بل الإشارة، وأما في الحسيات فالضرب على الجسم اللابس أثوابًا فإنه وإن لم يفد مفاد الضرب على الجسم العاري عن الملابس إلا أنه لا شك أنه لا يخلو عن إيلام فلما كان كذلك أمكن أن يصير المسح على العمامة بدلاً من إتمام مسح الرأس وعائدًا على الماسح ببعض ما وضع الله تبارك وتعالى فيه فلا يمكن أن يقال لما لم تكن محل فرض كان المسح على العمامة لغوًا كيف وقد تأيد ذلك بفعله صلى الله عليه وسلم وأمره إياهم غاية الأمر أن الاكتفاء بالمسح على العمامة لما كان مخالفًا للآية والمشهور من الرواية قلنا بوجوب مسح الناصية مع المسح على العمامة، انتهى.